- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
البرلمان العراقي واتجاهات الرأي العام
إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار إن الصحافة PRESS)) كونها السلطة الرابعة (و هي إحدى الوسائل التي تنقل للناس الأحداث التي تجري في محيطهم وفي غيره وتساعدهم على تكوين الآراء حول الشؤون الجارية من خلال وسائلها المتعددة فضلا عن الإنترنت ) وهي إحدى الركائز التي يستند إليها الرأي العام بأبعاده الشعبية والنخبوية وإحدى منتجاته فانه من الأجدر إجراء استطلاع عام لميادين الرأي العام العراقي وتتبع الخط البياني العام للصحافة بكل وسائلها بخصوص أداء البرلمان العراقي طيلة أعوامه السابقة والتي أوشكت على الانتهاء، فان النتائج المتوقعة لأي استطلاع للرأي العام Public Opinion Poll ( وهو الذي تقوم به الصحف والمؤسسات العامة أو الخاصة أو الدولية لرصد اتجاهات الرأي العام بالنسبة لموضوع أو قضية سياسية كانت او اجتماعية او اقتصادية وغيرها وباحثاً في المواقف المختلفة لفئة من الناس لاستخلاص بعض النتائج التي تساعد في تكوين فكرة عامة عن الموضوع) إن البرلمان العراقي كمؤسسة تشريعية ورقابية (مستقلة عن بقية المؤسسات التنفيذية والقضائية ) وممثلة عن طريق المقاعد لأبناء الشعب أنه لم يكن في مستوى الطموح كمتطلبات ومطاليب شعبية وجماهيرية ووفق مستلزمات مقاربات المرحلة الانتقالية والمحورية الحرجة التي مازال الشعب العراقي يمر بها بعد التغيير النيساني كما انه لم يتصف بكاريزما التغيير المزلزل الذي نقل العراق من عهد الديكتاتورية المقيت الى عهد الديمقراطية وافق الحريات العامة، ومسألة الاستطلاع هذه تقع بالدرجة الأساس على عاتق الدولة الحاضنة لجميع الفعاليات السياسية والاقتصادية والمجتمعية وغيرها وعلى منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية والصحفية لتقييم أداء البرلمان بالطرق العلمية والمنهجية المعتمدة في العالم وبمهنية وشفافية لضمان نزاهة النتائج وعدالتها والخروج بجملة توصيات ونصائح توثيقية تكون بمثابة خارطة طريق ومنهج سياسي متكامل لعمل وأداء البرلمان القادم ولكي لا تتكرر تراجيديا البرلمان الحالي مرة اخرى .
فإن كان العيب المجتمعي يكمن في قلة أو اضمحلال الثقافة الانتخابية والتوعية العلمية المطلوبة في الممارسات الديمقراطية فان العيب الأكبر يكمن في الآلية الانتخابية ذاتها المتمثلة بالقائمة المغلقة التي شكلت بموجبها تلك التوليفة الكشكولية وحسب آليات التحاصص والتوافقات والمجاملات وتبويس اللحى عند \"الضرورة\" أو استخدام لغة الأحذية في \"ضرورات\" أخرى وفي ظرف انتقالي ومحوري عسير وسط استكلاب قوى الإرهاب الإقليمي والعالمي وتدخلات دول الجوار واستعار النزعات الطائفية والقومية والانفصالية والأصولية المتطرفة والمليشياوية ومع هذا فقد أدلى العراقيون بأصواتهم في جو مليء بالتفاؤل الحذر ذلك التفاؤل الذي انهارت أسبابه وتبخرت نتائجه وضاعت معه أحلام الناخبين أدراج الرياح ..
والملاحظ إن لا إشارة نخبوية أو شعبية أو أكاديمية تشير بارتياح وان كان نسبيا الى عمل وأداء البرلمان الذي قدم لنفسه أكثر مما قدم لشعبه، سواء أكانت في مضمار الصحافة والإعلام أو على مستوى رجل الشارع أو المستويات الأكاديمية والتكنوقراطية المتخصصة والأسباب كثيرة يطول استقصاؤها وشرحها.
وما المهاترات والنقاشات حامية الوطيس بين الكتل والقوائم والتجمعات والإفراد حول قانون الانتخابات التي اقرَّ بشق النفس وبعد اللتي واللتيا وبعد أن تحول كل برلماني إلى \"ناطق\" باسم كتلته وحزبه وطائفته وقوميته ومذهبه وربما مليشياته ،إلا مثال صارخ على المستوى الذي وصل إليه البرلمان في أصداء الرأي العام العراقي وربما العالمي أيضا ودون الحاجة إلى إجراء استطلاع أو مسح ميداني لمعرفة آراء المواطنين أو النخب حول أداء البرلمان فالنتائج قد تكون معروفة سلفا كما هي النتائج المبثوثة في متون الصحافة وفي وسائلها كافة؛ في المقالات السياسية والتحليلات والتنظيرات (السياسية والاقتصادية وغيرها) والتقارير والريبورتاجات وما إلى ذلك فلم نجد أي شيء من هذا القبيل يذكر \"محاسن\" البرلمان أو يعدد \"انجازاته\" أو يشيد بـ \"الكفاءات\" و\"المواهب\" و\"الإمكانات\" القيادية التي كان يجب إن يتحلى بها الكثير إن لم يكن اغلب أعضاء البرلمان الذي كانت \"قبته\" أشبه بسوق هرج ومرج وساحة اصطراع عند أية مناقشة أو عرض لقانون أو لمشروع قانون أو معاهدة أو للتصويت على أية مادة فإنها ستتحول إلى مادة خلافية وتتطاير حولها حمم الجدال وتتبادل الاتهامات والتسقيطات والرمي المتبادل بالعمالة لهذا الطرف الإقليمي أو ذاك حتى إذا كانت المادة موضوع النقاش أو التصويت تصب في خدمة وصالح الشعب العراقي وترافق تلك المهاترات (ما جرى مثلا أثناء التصويت على الاتفاقية الإستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة ) عادة دروس مجانية في \"الوطنية\" وتعليم العراقيين وذوي الشهداء وضحايا البعث والقاعدة والوهابية المتخلفة كيف يكونون وطنيين \"شرفاء\" وكيف يدافعون عن وطنهم ضد الاحتلال وهذه صارت نغمة يرددها كل من هب ودب مستغلين ساحة البرلمان منبرا لتسويق هلوساتهم المستهلكة وعنترياتهم الدونكيشوتية الفارغة ولله في أعضاء البرلمان العراقي شؤون ولنا منهم شجون.
فإن كان لزاما أن نتحدث عن محاسن موتانا وذلك بعد انتهاء البرلمان من دورته التشريعية وانفضاض مجلسه فان هناك أكثر من (117) قانونا مهما لم يقر لحد الان في حين ان جميع امتيازاتهم و\"حقوقهم\" قد شرعت وأقرت وأخذت بالكامل حتى للمستقبل في حين يلتحف فقراء الوطن السماء ويفترشون الأرض وينتظرون \"فلاسين\" الرعاية الاجتماعية وفتات البطاقة التموينية و\"التقاعد\" الذي لايسمن من جوع ويحلمون بالعيش الكريم وببرلمان اكثر جدوى واقل سفسطة وامتيازات .
إعلامي وكاتب عراقي
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي