جهود وزارتي الدفاع والداخلية وغيرهما من المؤسسات الأمنية مشكورة في إرجاع الأمن والحياة والأمل الى شوارعنا ومدننا وجعل الحياة فيها تنتعش من جديد في عمليات أمنية غير مسبوقة تاريخيا وفي أصعب ظرف يعيشه أي شعب على الإطلاق ويعرف المضطلعون في الشأن الأمني مدى الأهمية الحيوية إستراتيجيا وتكتيكيا ولوجستيا لعملية إلقاء القبض على فاعلي أية جريمة مهما كانت حتى وان كانت جريمة جنائية فردية او شخصية محدودة التأثير ومهما كانت دوافعها ونتائجها كما إن لهذا الأمر أكثر من علامة ارتياح شعبي لا سيما إذا كانت هنالك جريمة هزت الرأي العام وزلزلت الضمائر واقرحت العيون وأدمت القلوب وصارت مدار بحث واهتمام وقلق لدى شرائح كبيرة من الناس مثل الجرائم الإرهابية التي نشاهدها تحدث هنا او هناك على الساحة العراقية تاركة وراءها شهداء أعزاء علينا وجرحى ومصابين يصيب اغلبهم العوق النفسي والجسدي الدائمين .. ومن المثير للأسى ان تلك العمليات الجبانة لا تحرك \"مشاعر\" الكثيرين او تثير اهتمامهم او تهز قليلا من \"ضمائرهم\" وهم من المحسوبين على أبناء جلدتنا وبني عمومتنا .. كما نجد شيئا من علائم الارتياح لدى انتشار خبر مفاده انه تم إلقاء القبض على كذا مشتبه به في العملية الإرهابية الفلانية وهم ملتبسون بأدلة الجريمة ومن الطبيعي ان هذا \"الاشتباه\" الذي أفضى إلى اعتقال المجرمين لم يكن عفويا او كيديا او اعتباطيا وإنما جاء بناءً على معلومات استخباري قد تكون في الأغلب مؤكدة وصحيحة مائة بالمائة أو بأية نسبة أخرى بحسب تلك المصادر ونتيجة للجهود والتضحيات الكبيرة المبذولة وهذا يبرد قليلا من فوران الغليل الذي يشتعل في الصدور ألما وحزنا على الأرواح البريئة التي تزهق عبثا وعلى الخسائر التي تذهب سدى نتيجة إجرام الفئات الضالة بحق هذا الشعب ودون الحصول على أية إدانة ولو خجولة من أية جهة وخاصة الذين يعتبرون سقوط الضحايا من النساء والأطفال \"جهادا\" في سبيل الله ومقارعة ضد \"المحتل “..ولكن وبحسب تلك المعلومات الاستخبارية التي بموجبها تم الكشف عن \"خيوط\" العملية الإرهابية المزمع تنفيذها ، لماذا لا يتم وبنفس الآلية الكشف عن أي \"خيط\" من تلك الخيوط التي تقود الى فضح السيناريو الكامل لها وذلك قبيل تنفيذ العملية وليس بعدها، ما يحفظ أرواح الأبرياء في حين أننا كثيرا ما نسمع ونرى انه وبعد العملية بسويعات قلائل أو أيام معدودات \"البشرى\" بالكشف عن إلقاء القبض عن \"الأشباح\" الذين نفذوا جريمتهم وإزاحة اللثام عن كامل تفاصيل السيناريو المعد لها والجهات التي تقف وراءها وكيفية التنفيذ والعناصر المكلفة وجنسياتهم وغير ذلك ، ومن حق المواطن أن يتساءل؛ هل إن تلك المعلومات كانت غير متوفرة قبيل او ساعة حدوث العملية الإرهابية او كانت ناقصة من جهة ورودها أم أن في الأمر شيئا آخر ؟ وهل أن النقص في تلك المعلومات أو عدم توفرها أصلا او كانت متأخرة لدى الجهات المختصة أو كانت غير موثوق بها أو متأكد منها كانت سببا في المأساة ؟؟ هل أسهمت كل تلك الأسباب او جزء منها في حدوث الخرق الأمني او الثغرة التي استطاع الإرهابيون من خلالها أن ينفذوا جريمتهم؟؟!! خاصة ان الانسحاب الأميركي من المدن العراقية قد بدأ ومن المحتمل أن تستعر الهجمات الإرهابية وتستكلب القوى التي لا تريد خيرا لهذا الشعب وان أمام قواتنا الأمنية الكثير من التحديات الصعبة والمهام الكبيرة لذا يجب أن تلعب المعلومات الاستخبارية دورا أكثر حيوية وفي الوقت المناسب وتناغما مع الجهود والتضحيات الجسام التي بها عادت الروح الى ربوعنا العزيزة..
اعلامي وكاتب