- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
كربلائي...مع وقف التنفيذ !!!!
المتابع لتاريخ مدينة كربلاء على مر العقود الاربع الماضية يرى بوضوح سياسات النظام البائد التي كانت تهدف وبقوة الى تغيير الواقع الديموغرافي والطوبغرافي لهذه المدينة العريقة التي تضم بين ثناياها اجساد اعظم رجال عرفهم التاريخ وتقص حاراتها وازقتها افظع فاجعة عرفها التاريخ كذلك ،فمنذ ان استحوذ البعث الفاشستي على مقاليد الحكم في ستينيات القرن المنصرم صار في جل اهدافه ان يغير واقع هذه المدينة الصغيرة لما تشكله بنظرهم من مخاطر استراتيجية على مستقبل الامن القومي للحزب بدعوى ان البعض من أبنائها ذوو أصول ايرانية الجار غير المرغوب به اطلاقا لهذا الحزب الذي مكث على انفاس العراقين اربعة عقود متتالية من الزمن عانى من خلالها العراق والمنطقة من ويلات ودمار تتعاقب الى الاجيال القادمة ...
..فبدأ ازلام الشوفينيين والبعثيين بحملات متسلسلة على ابناء هذه المدينة الاصلاء بعناوين ومسميات متعددة انطلقت من هذه الحجج الواهية وتلك الذرائع وصار اهالي كربلاء يكنون بالعجم رغم انها المدينة الاقل عددا من تلك العوائل التي سفرت الى ايران بعد عدة محافظات تصدرتها مدينة العمارة ..
فقام الشوفينيون باول حملة تسفير في بداية سبعينيات القرن المنصرم لحلحلة هذه المدينة من خلال حملات منسقة تضمنت تسفير بعض العائلات الكربلائية واخرى لتوطين عوائل اخرى جلبت من عدد المحافظات الى كربلاء لارجاع بعض العروبة اليها لان اهاليها من \"المتعرقيين\" الذين يشكلون تهديدا على الانظمة المتعاقبة التي حكمت تحت لواء حزب البعث ..وفي بداية ثمانينيات القرن المنصرم ايضا بدات حملة اخرى مماثلة (على ان السنوات الممتدة بين هاتين الفترتين لم تخلُ من تلك الحملات )عندما جاء \"فارس\" الامة \"الصنديد\" وتسلم مقاليد الحكم بمرسوم جمهوري صدر من حفنة لم يفت عليها الدهر طويلا حتى اصبحت ضمن مزابل التاريخ الى غير رجعة ..
فبدات حملة التسفير الثانية هذه الحملة التي لم تبق ِ بيتا لهؤلاء الابرياء ولا جاها فصودرت اموالهم المنقولة وغيرها وبيعت بيوتهم بابخس الاثمان لأزلام القائد \"الضرورة\" ولم يبق الامر عند هذا الحد بل اودع شبابهم السجون وكانت نهايتهم المقابر الجماعية التي اكتشفت عقب سقوط صنمه في ساحة الاندلس ببغداد في 9 نيسان من العام 2003 ..أضف الى ذلك الاعتقالات العشوائية التي كانت تستهدف شباب المدينة في ثمانينيات القرن المنصرم باعتبار انهم من المخططين لاطاحة \"القائد الفذ\" عبر الانضواء الى الاحزاب المعارضة انذاك في العراق كحزب الدعوة وغيره ..وكذلك حملات الاعتقال الاخرى التي جرت بعد احداث الانتفاضة الشعبانية التي جابت غالبية مناطق العراق .
وبعد التغيير النيساني والانفلات الامني المقصود الذي شهده العراق وانفتاح الحدود على مصراعيها على باقي الدول وخصوصا دول الجوار شهدت المدينة اقبالا واسعا للزوار الايرانيين لزيارة العتبات المقدسة الذين كانت تحدهم الاجراءات الصدامية المعقدة التي فتحت بصيصا من الباب العراقية لهم بعد ان استحصل ازلام ذلك النظام الاموال الكبيرة منهم في نهاية التسعينيات من القرن الماضي عن طريق الشركات التي كنت تنقل هؤلاء والفنادق الرسوم الكمكركية التي كانت تفرض على الزائر وغيرها من الامور غير المعلنة والتي بعدها لم يستفد المواطن من الزائر الا النزر اليسير الذي لم يكن يتجاوز الخمسة بالمئة لكنه في الوقت نفسه احدث حراكا اقتصاديا في المدن المقدسة جعل بالتالي كربلاء قبلة للقادمين من المحافظات لما كان العراق حينها يعاني من تبعات الحصار الاقتصادي ومما سببه من مشاكل عانى ماعاناه منه العراقيون ...
ان الاسباب آنفة الذكر وغيرها ممن تخون الذاكرة ذكرها قد غيرت الواقع الديموغرافي للمدينة بالشكل الذي جعلت ابن المدينة الذي هجر واعتقل وسفر والذي نجا من تلك الويلات مواطنا بالدرجة العاشرة تائها يبحث في زحمة النازحين الى كربلاء عن بيت يأويه او عمل يدر عليه رزقا وهذه المعلومة ليست من باب التهويل بالشيء فلو تجول أي شخص في كربلاء ليرى ان ثلثي احيائها يسكن فيها اخواننا القادمون من محافظات عدة ويمتلك اغلبهم مساكن اخرى في محافظاتهم ،وان الكثير من ابناء هذه المدينة يسكنون في بيوت البستنة التي لهذه اللحظة تطلق عليها وزارة البلديات بالتجاوز أسوة بالمتجاوزين الذين بنوا بيوتا على اراضي تملكها الدولة في عدة مناطق في كربلاء خصوصا والعراق بشكل عام بعد سقوم النظام السابق وللوزارة اسبابها المنطقية بذلك لان غالبية بيوت البستنة عبارة عن مشاريع سكنية عشوائية اضحت كاهلا ثقيلا على الدولة لعدم قدرتها على تنفيذ مشاريع خدمية فيها فضلا على تجاوزها على البنى التحتية ،وللكربلائيين في المقابل اسبابهم في العيش فيها نظرا لقربها على مركز المدينة ولغلاء اسعار قطع الاراضي في المناطق القريبة والبعيدة للاقبال الشديد على كربلاء لما تكنه المدينة من واقع تجاري ملموس مقارنة بالمدن العراقية الاخرى ،هذا الامر جعل بالتالي من خلق منافسة غير عادلة بين اهالي المدينة والقادمين ليس في الاعمال الحرة باعتبارها ساحة مفتوحة امام الجميع بل في وظائف الدولة التي وضعت الكربلائي في معادلة صعبة لكثرة اعداد المتقديمن الى تلك الوظائف والمحسوبية والمنسوبية التي مازال يعاني منها المجتمع العراقي .
أعلمُ عِلمَ اليقين ان الحديث عن هذا الامر سيجعلني في مصاف الذين يكرسون الطائفية في هذا العراق وكذلك سانعت باوصاف شتى مانزل الله سبحانه وتعالى عليها من سلطان ولكن اما ان الاوان في النظر الى ابناء هذه المدينة ،ولاأعني من هذا التمايز على البقية حاشى لله لاننا بالتالي عراقيون واخوة في الاسلام ولكن من باب الانصاف لابنائها الذين تاهوا وسط هذه الزحمة من الوافدين الذين مازال البعض منهم يصفون الكربلائي بالعجمي!!!.
لذلك هذه دعوة من عراقي اساسا وكربلائي انتماء ً الى كل من يهمه الامر وخصوصا ابناء هذه المدينة الذي تبوؤا مناصب قيادية في الحكومة بالنظر الى ابناء هذه المدينة عن طريق قانون يحد اولا من ارتفاع اسعار العقار والتي لربما تصل في المستقبل مع اول فاس يدق في جدار بيت من البيوتات في مركز المدينة القديمة ضمن التصميم الاساس لها الذي صادقت عليه وزارة البلديات والاشغال مؤخرا، الى اسعار تضاهي اسعار مدن عالمية كنيويروك ولندن وسدني والامر الثاني ان تقتصر الوظائف الحكومية على الكربلائيين فقط لتبقى ساحة الاعمال الحرة مفتوحة امام الجميع لانها بالتالي مدينة الحسين عليه السلام التي تتسع لكل القادمين شريطة اذا اراد الوافد السكن فيها فاما ان يسكن في دار تعود ملكيته الى شخص كربلائي كما هو معمول الان في اغلب مدن العالم للحد من ارتفاع اسعار العقار او ان يؤجر دارا سكنية حاله في هذا كحال الاف الشباب الكربلائيين الذين هم في حسرة كبيرة على شراء منزل بسيط يبدا فيه حياته القادمة مع زوجة واولاد ...
علاء السلامي