- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ذمة المالكي المالية بين القانون والتقويم
تداول الإعلام العراقي يوم 10/3/2009 قضية تسليم رئيس الوزراء السيد المالكي الاستمارة الخاصة بمصالحه المالية إلى رئيس هيئة النزاهة القاضي العكيلي حيث كشف في هذه الاستمارة عن مصالحه المالية وكل ما يمتلك لتكون جردا حسابيا لذمة السيد رئيس الوزراء لحين خروجه من السلطة ومن منصبه كي تقارن هذه الذمة المالية عندما يخرج من منصبه مع ما موجود عليه اليوم وهذه المصارحة المالية التي تعبّر عن البعد الحقيقي لنزاهة الأشخاص عندما يحكمون البلاد فلم يكن على الإطلاق وعلى مر العصور أن رئيس وزراء عراقي قام بتقديم استمارة بما يمتلك من أموال عند دخوله السلطة أو استلام منصب معين حيث جاء العديد من الوزراء الذين حكموا العراق وخرجوا من مناصبهم والمواطن العراقي لا يعرف ما يمتلك هذا الشخص بل حتى عند خروجهم لم يعلنوا للشعب العراقي ما يمتلكون سوى حالة واحدة هي حالة عبد الكريم قاسم الذي قيل عندما توفى لم يكن يملك شيء بل كان مدانا للآخرين ، ومن هذا المنطلق نجد أن السيد رئيس الوزراء الذي يقود الدولة العراقية عندما قدّم هذه الاستمارة أراد منها أمورا كثيرة ودلالة مهمة على الواقع العراقي الحالي الذي نعيشه وما دار به من مخاضات وامتحانات كبيرة وعسيرة.
1- أراد أن يثبت بأنه أحد المواطنين العراقيين وأنه مثله مثل أي مواطن له ملكه الشخصي وما زاد عليه دون حصوله قانونيا فهو اختلاس وأموال من السحت الحرام وهي مسألة بديهية تتعلق بتديّن الشخص الذي يريد أن يبرئ ذمته أمام الله تعالى وأمام الناس والذي جاهد وناضل طوال السنين الطويلة وخاض غمار الموت ليس من السهل عليه أن يأكل الأموال الحرام.
2- يريد المالكي أن يثبّت دعائم القانون العراقي وكونه رئيسا للوزراء ومسئولا عن جميع الوزراء وجميع العاملين في الدولة وخصوصا أصحاب الدرجات الوظيفية العالية بأن يقدموا لهيئة النزاهة ذممهم المالية وهذا ينسحب على مجلس رئاسة الجمهورية ومجلس النواب العراقي وكذلك حتى السفراء والقناصل المعتمدين في السفارات العراقية في دول العالم ، وأن هذا القانون يجب أن يسري على الجميع وليس لأحد الحق في القفز على القانون فالكل سواسية أمام الدستور العراقي .
3- هي رسالة واضحة للشعب العراقي بأن من حقّه أن يحاسب أي مسئول في الدولة وأن يساءل هذا المسئول فيما لو اشتبه الأمر في اختلاسه للمال العام وأن يتعلم الشباب العراقي الذي سوف يتسلّق المسئولية السياسية في المستقبل الكيفية التي سيتعامل بها في عمله وأن يكون أداة لبناء دولة المؤسسات والقانون وأن تكون اليد النظيفة هي القائمة على هذا البناء الحقيقي لكي تصل جميع الحقوق للمواطن العراقي.
4- هي رسالة واضحة وقوية إلى جميع الحكام العرب الذين كوّنوا مماليك من الأموال العامة في دولهم والذين اشترى قسم منهم جزيرة في فرنسا وكذلك الشركات العملاقة في دول العالم وامتلاك الشركات النفطية وما إلى ذلك من القصور التاريخية الفخمة في عدد من دول أوربا ليبقى مواطنيهم في فقر متقع دون أن يحاسبهم أحد،،، وإن تناول الإعلام العربي هذه الذمم المالية التي يجري جردها في العراق اليوم سوف تقوم القائمة على حكوماتهم وما يمتلكون من أساطيل مالية مخيفة ولكنني أشك في أن الإعلام العربي سوف يتناول هذه الأمر بشفافية لأنه إعلام مسيس وبعيد عن الواقع ،، بل أكثر من ذلك إنه إعلام مملوك لحكامهم .
أتمنى على جميع السياسيين في العراق أن يقدموا استمارة ذممهم المالية إلى لجنة النزاهة لكي يكون الجميع سواسية أمام القانون ويجب على لجنة النزاهة أن تساءل من أصبح ثريا على حين غفلة تحت مبدأ (من أين لك هذا) حتى يتم تصفية جميع الملفات المالية وإعادة جميع الأموال المسروقة من خزينة المال العام للدولة ومحاسبة كل الأشخاص الذين توسّخت أياديهم بالمال الحرام لأنها حق عام للمواطن العراقي .
أقرأ ايضاً
- الجواز القانوني للتدريس الخصوصي
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي
- جريمة الامتناع عن معاونة السلطات التحقيقية في القانون العراقي