- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
منابرُ الحسين مدارس على مرِّ العُصور
هلَّ هلال محرم وهلت معه ذكرى عاشوراء الحسين الأليمة ومصائب كربلاء الفجيعة، نعم لقد أقبل شهر الأحزان لتكتسي القلوب بالسواد قبل الأجساد، كيف لا وقد قتل سبط المصطفى وريحانته وروحه التي بين جنبيه على يد قوم لا يخشون الله ممن لفظت أفواههم أكباد الأزكياء ونبت لحمهم من دماء الشهداء ، فباؤوا بغضبٍ من الله ورسوله وضُربت عليهم الذلة والمسكنة، ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون.
لنا في حادثة كربلاء دروس وعبر لا تحصى ففي كل زاوية من زوايا هذه الفاجعة تجد درساً حسينياً يرتسم أمام ناظريك لذلك كانت كربلاء مدرسة للأجيال على مر العصور، وتلك المعاني والمفاهيم الحسينية والزينبية العميقة كانت كفيلة بتخليد تلك الحادثة إلى يومنا هذا وإلى أبد الآبدين، ومن نتاج تلك الواقعة أن أصبح للشيعة منبر حسيني ومجالس عامرة في جميع أصقاع العالم فكانت منهلاً للعلوم ومنبعاً للتربية الصالحة على نهج محمد وآله الأطهار ونهراً جاريا بالفضائل والأخلاق والمفاهيم يرتوي منه الظمآن وينهل منه المتلهف للسمو والرفعة. ومما لا شك فيه أن بعض تلك المنابر ومع الأسف الشديد لا تؤدي الدور الرسالي المطلوب منها، ولا تغذي المجتمع بالأفكار والقيم المحمدية الأصيلة التي بذل الحسين عليه السلام دمه من أجل الحفاظ عليها، وهنا يقع التكليف على رواد المجالس الحسينية بأن يتخيّروا الأفضل من بينها من ناحية العطاء العلمي والأخلاقي والفكري وهذا النوع من المنابر متوافر بكثرة ولله الحمد، ومن جانب آخر أن لا يكون الذهاب إلى تلك المجالس مجرد عادة جُبل عليها الناس وملتقى للأصدقاء والأقارب، بل يكون موسم محرم هو موسم لبناء النفس والعقل واستشعار المصيبة قبل كل شيء، كما أن على الخطباء أن يحافظوا على الدور الرسالي الذي بنيت المنابر من أجله وذلك بأن يغذوا المجتمع بالفكر والمنطق وأن يقدموا لهم المعاني والمضامين الحسينية والأخلاق الرفيعة، وأن يعرضوا للمجتمع القدوة الصالحة المتمثلة بالحسين وأصحاب الحسين والسيدة زينب -عليهم السلام- ، فإذا ما حافظ خطباء المنبر الحسيني على دورهم المحوري والرسالي في إرشاد المجتمع، وإذا توجه الأفراد إلى المنابر المتميزة بالعطاء والعبر والدروس والمفاهيم ستتحقق حتماً النتيجة والغاية التي ضحى الحسين وآل بيته من أجلها بدمائهم وأرواحهم الطاهرة، والتي تتجسد في قول الحسين عليه السلام «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر».
« صحيفة الدار الكويتية »
أقرأ ايضاً
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد