احداث الايام الماضية اثبتت بالملموس ،ان كركوك قنبلة موقوتة كان الجميع يغض الطرف عنها خشية ان تنفجر ، وعندما آن أوانها هب (الجميع ) ليشمر عن ساعديه ولسانه وسلاحه وما أوتي من قوة ليطالب بليلاه ،
غير مكترث لما يمكن ان تلحقة تلك الموقوتة من دمار وويلات . علينا ان نعي ،ايها السادة ، ان كركوك مدينة عراقية خالصة ، فلا هي كردية ولاتركمانية ، كما انها ليست بعربية خالصة او كلدوآشورية . فكركوك العزيزة ، تزهو بعراقيتها ، وتدعو العراقيين الى ان تكون لهم خيمة تظللهم بفيئها ، وشجرة وارفة الظلال ، هم يزرعون وهم يحصدون ، وذهبها الاسود للجميع من دون استثناء .
لو كان لكركوك لسان ، لحدثتنا بلسان عربي فصيح ولقالت انا مدينة جميع العراقيين ، انا مدينة جميع الطوائف ، والاعراق والاديان . اجل ، فمنذ ان فتحنا اعيننا ، عرفنا انها مدينة جميع العراقيين ، وثرواتها للجميع . فما الذي تغير الآن؟
هل يتيح هذا الزمن الديمقراطي ، للجميع المطالبة بكل شيء وترك الفتات للآخرين ؟ فإذا كان هذا هو العهد بالسياسيين ، وإذا كانت السياسة لعبة المتغيرات ، فإننا نرى ، ان كركوك ينبغي ان تكون خارج اطار اللعبة السياسية ، وخارج اطار الصفقات ، لاسيما وان العراق الرازح تحت الاحتلال بحاجة الى من يوحده ، لا الى من يفرقه . علينا ايها الاخوة ان نتسامى وندع رغباتنا واهواءنا جانباً ، فالوطن للجميع ، وما كركوك الا جزء من هذا الوطن الذي يئن تحت وطأة ظلم سنين وسنين ، افلا ينبغي ان نتكاتف لنخرجه من محنته ونصل بالسفينة الى بر الامان ، افلا يعم خير كركوك، بالنتيجة على جميع العراقيين بلااستثناء .
الا يجب ان نغلب المصلحة الوطنية على مصالحنا الضيقة ؟ والاهم من كل هذا وذاك ، الايعد القادة الاكراد التركمان العراقيين اخوة لهم ، والايعد القادة التركمان الاكراد العراقيين اخوة لهم . اجزم بالايجاب ، إذاً ، فلم كل هذه التجاذبات ، ولماذا شهرنا سيوفنا داخل البرلمان وخارجه ؟
واذا كانت مشكلة كركوك معقدة ،فإنها غير عصية على الحل ، وإن اهل الدار اولى بحل مشاكلهم وعليهم الا يدولوا قضيتهم ، فيجني منها الاخرون دعاية اعلامية وربما حتى مادية . ليس العراقيون قصراً ، فينتظرون وسيطاً دولياً يتدخل في مابينهم ، ويقترح عليهم حلولاً ، لايلبث ان يغيرها من حين لآخر ، لأسباب لايعرفها الا الراسخون في العلم . قضية كركوك لاتحتاج الى وسطاء ، كما انها لاتحتاج الى مساومات وصفقات ، بل تحتاج الى نوايا سليمة وقلوب رحيمة وعقول نيرة ، لا اكثر ولا اقل.
أفليس من المخزي ان تنقل وكالات الانباء عن السيد دي مستورا قوله انه يواجه صعوبات في اقناع الاطراف المختلفة بشأن العديد من القضايا المرتبطة بالمناطق المتنازع عليها بين العرب والكرد والتركمان، او ليس من المعيب ان يشدد دي مستورا على ضرورة اللجوء الى الحوار والتفاهم للوصول الى صيغة ترضي جميع الاطراف؟ ايعلمنا السيد دي مستورا فن الحوار واهميته وقد اوصانا الاسلام بذلك ، أفلم يخاطب الله في قرآنه الكريم النبي الاكرم بقوله (فبما رحمة من اللَّه لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك). وهنا يعد الله لين محمد رحمة من لدنه.
قضية كركوك ، غدت اليوم البارومتر الحقيقي لقياس وطنية السياسيين العراقيين وتفنيدهم لكل مايشاع من حولهم ، لاسيما بعد ان ابدى الشارع العراقي تمسكه بعراقية كركوك ، وديمومتها مدينة للجميع وموحدة للعراقيين بجميع طوائفهم واعراقهم ، لامفرقة لهم.