ان يختلف المشاركون في أي مؤتمر علمي او ادبي على محاور المؤتمر او الابحاث المقدمة فيه، ويتجاذبون وجهات النظر والاراء التي ربما لا يتفق عليها الجميع، امر طبيعي، بل انه حالة صحية تعقد المؤتمرات في جميع بقاع العالم من اجل تحقيقها، اما ان يختلف المؤتمرون على امور هامشية لا علاقة لها بموضوعة المؤتمر فانه امر يحتاج الى وقفة.. وهذا بالتفصيل ما دار في المؤتمر الزراعي الوطني الذي عقده تجمع الفلاحين والمزارعين في العراق بالتعاون مع جمعية النحالين البابليين برعاية مجلس محافظة بابل.
بدأ المؤتمر الذي اقيم على ارض مدينة بابل الاثارية وشاركت فيه منظمات مجتمع مدني تمثل 13 محافظة عراقية بكلمة لمحافظ بابل سالم المسلماوي اكد فيها على ضرورة تطوير الواقع الزراعي ،مشيرا الى \"ان الزراعة والصناعة رافدان مهمان ينبغي ايلاءهما بالغ العناية، كون النظام السابق اهمل هذين القطاعين وبالذات القطاع الزراعي ، وقد استمر هذا الاهمال حتى بعد سقوط النظام،وبالرغم من ان العراق يتمتع بنهرين عظيمين هما دجلة والفرات الا انه يستورد حتى الخضار من دول الجوار\".
واستمرت الاجواء هادئة في المؤتمر الى ان اعتلى محمد المسعودي المنصة واستهل كلمته ليس بالحديث عن الواقع المرير الذي تشهده الزراعة، بل بالاعتراض على استخدام منظمي المؤتمر لـ(بوسترات) تحمل العلم العراقي القديم، استمر المسعودي يؤنب المنظمين ويوجه اللوم اليهم حتى نسي الحديث عن موضوعة المؤتمر، ليختتم حديثه بالتهديد بتعطيل اعمال المؤتمر، وفي هذه الاثناء صرخ الدكتور نعمة جاسم نائب رئيس المجلس من مقعده قائلا \"يجب ان نقاطع هذا المؤتمر البعثي، اذ لا يشرفنا ان نشارك في مؤتمر يرفع فيه علم الطاغية صدام\".
ساد اللغط قاعة المؤتمر وانفجر الحاضرون بالكلام متسائلين باستغراب عن سبب الموقف الذي اتخذه اكبر مسؤوليين في مجلس المحافظة، ما دفع بالمسعودي الى الاعتذار عن تصرفه معللا موقفه بالقول \"لقد تصرفت بدافع وطني\".
عاد المؤتمر الى سياقه الطبيعي ثانية، اذ القى ممثل وزارة الزراعة حامد الشيخ راضي كلمة استعرض فيها اهم الانجازات التي حققتها وزارته في سياق النهوض بالواقع الزراعي متطرقا الى الخطط والبرامج المستقبلية التي تسعى الوزارة الى تحقيقها.
في هذا الاثناء فجر مدير زراعة محافظة بابل قنبلة في المؤتمر عندما قال \"ان وزارة الزراعة لا علاقة لها بهذا المؤتمر لان عدد من منظمات المجتمع المدني هي التي نظمته\"، ولم يكتف المدير بذلك بل قال \"ان المنظمات التي نظمت المؤتمر لا علاقة لها اصلا بالزراعة وان بعظها منظمات وهمية\"، ما اثار البعض من الحاضرين فتحولت قاعة المؤتمر الى ساحة للمهاترات وتبادل الشتائم بين ممثلي المجتمع المدني وعدد من ممثلي الدوائر الزراعية.
ومن دون سابق دعوة، اعتلى الناشط في مجال المجتمع المدني حازم الصافي المنصة، ووجه سيلا من الانتقادات الى وزارة الصحة ودوائرها في المحافظات متهما اياها بالضعف والفشل، ولعل ابلغ تعبير عبر فيه الصافي عن هذا الفشل عندما قال \"لقد اصبح الطبق العراقي (طبق متعدد الجنسيات) فالخيار اردني والطماطة ايرانية والبصل سوري\".
ودافع الصافي عن منظمات المجتمع المدني قائلا \"ان هذه المنظمات هي مجرد حلقات وصل بين المجتمع والمسؤولين في الحكومة ، وكان الاحرى بالمسؤولين بدلا من ان يعلقوا فشلهم باتهام وانتقاد هذه المنظمات ان يفكروا كيف يطورون الزراعة وينتشلون الفلاح من واقعه المرير وينقذون المواطن العراقي من استبداد دول الجوار وبضاعاتهم الرديئة\".
وما ان انهى الصافي كلامه حتى ضجت القاعة بالتصفيق لينصرف غالبية الحاضرين الى سبيلهم تاركين عشرات المتكلمين والباحثين لا يعلمون لمن يوجهون كلماتهم ، ما اضطر منظمي المؤتمر الى فتح مائدة الغذاء قبل اوانها على امل استئناف النقاش في مشكلات الزراعة لاحقا..
أقرأ ايضاً
- مشروع الـ1000 مدرسة.. تعرّف على حصص المحافظات من المدارس المنجزة مؤخراً (فيديو)
- العتبة الحسينية توزع ادوية ومساعدات على النازحين في برج ابي حيدر في لبنان (فيديو)
- مستشار الأمم المتحدة: نتائج التعداد تصدر على شكل بيانات وجداول لا تتعلق بالخصائص الفردية