بعد ان أكمل جيش اللعين يزيد قتل الامام الحسين (عليه) السلام وكل رجاله قام بالهجوم على النساء والعيال وسلب كل ما موجود في خيامهم، ثم اقتادهم اسرى واحرق الخيام، تلك الواقعة دأب مختصون من اهالي كربلاء المقدسة على تمثيلها ظهيرة العاشر من المحرم تجسيدا للجريمة البشعة التي ارتكبها شذاذ الآفاق، وتذكيرا للمؤمنين بما وقع على ابي عبد الله وعياله، ويقف ورائها عدد ممن يعمل بصمت ليعطي الصورة الاليمة.
ويقول كفيل موكب نصب وحرق خيام الحسين (عليه السلام) في طرف المخيم السيد "رزاق عبد الكريم سعد الميالي" في تصريح لوكالة نون الخبرية ان" الخيام كانت تنصب منذ سبعينيات القرن الماضي مقابل المخيم الحسيني في ساحة المخيم الموجودة في منطقة "آل عيسى" والمساحات مفتوحة بمحيطها، وكانت مكونة من خيام السجاد وزينب والعباس وعلي الاكبر ورقية وسكينة (عليهم السلام) وباقي خيم النساء والعيال، وهو تجسيد لمعسكر الامام الحسين (عليه السلام) عندما جاء الى كربلاء في الثاني من المحرم في العام (61) هجري، وتاريخيا يعتبر موقعها في محيط المنطقة التي اقيم فيها المعسكر، واستمرت شعيرة حرق الخيام بعد انتهاء المعركة في العاشر من المحرم سنوات طويلة لحين منعها من قبل النظام المقبور في منتصف السبعينيات بالرغم من انها لا تشكل خطرا ولا فيها ضررا على النظام او الناس، وقد تعرض العديد من الشباب للاعدام او السجن بسبب ممارسة الشعائر الحسينية".
واضاف ان" العودة الى اقامتها كانت بعد زوال الطاغية ونظامه الفاشي، وعادت بقوة وكان وقت زوال النظام قرب حلول الزيارة الاربعينية، والناس والمحبين كانوا متعطشين لرؤية التشابيه وفعالية حرق الخيام، بعد حرمانهم منها لحوالي (30) عاما، وقد من الله علينا ان جعلنا نعيد اقامة هذه الشعيرة كون الفندق الذي نمتلكه مقابل ساحة المخيم وصار التجمع فيه، ووالدي المرحوم (السيد عبد الكريم سعد) هو من اوصانا باعادتها، وكان من المفروض ان نزود بالخيام من خارج العراق لكن الوقت تأخر علينا، فاضطررنا الى الاستعانة بشاب يدعى (علي ثابت) تبرع هو وعائلته المكونة من والدته واخواته بخياطة الخيام المطلوبة كونهم يمتلكون مكائن خياطة، وبعد تجهيزهم بجميع ما يحتاجونه من قماش ومستلزمات خياطة اكملت، ونصبت الخيام واقيمت شعيرة حرق الخيام بعد انقطاع لثلاثة عقود، وبعد كل موسم نجلس لنتباحث في العرض وما يحتاجه من اضافات او اكسسوارات مثل علامات الدلالة او غيرها، ونهيئ الخيام منذ صباح العاشر من المحرم ويعود المعزين من عزاء التطبير او ركضة طويريج ليحضروا شعيرة حرق الخيام، كما يحضر قارعي الطبول ليمارسوا دورهم في تهيئة اجواء الحرب".
واوضح الميالي ان" الكثير ممن يشارك في التشابيه بدور جندي او قائد في جيش "اللعين يزيد" الذين يتجمعون في خان حسون بشارع طويريج ويأتون للمشاركة معنا من مواكب اخرى متخصصة بتسيير مواكب التشابيه يتعرضون الى رمي الحجارة او الضرب احيانا بسبب العاطفة الجياشة والحزن الشديد الذي يصيب الحاضرين بعد مشاهدتهم لحرق الخيام او ضرب السبايا من النساء والاطفال، ومن بركات الامام الحسين (عليه السلام) بدأت تلك الشعيرة بعد سقوط الطاغية بحضور نحو خمسة الاف شخص، ووصلت الان الى حضور حوالي مليون شخص للمشاهدة، وتحضيراتنا هذا العام بدأت بعد انتهاء الموسم الماضي حيث يجتمع شباب المخيم وعددهم يتراوح بين (30 ــ 50) عضو وتبدأ عمليات التحضير وتوزيع المهام وتحديد النقص او الخلل وتصحيحه، والخيام جاهزة وتنصب صباح العاشر من المحرم وعليها رايات ابي عبد الله وابي الفضل، وهناك خيام احتياط توضع جانبا، ويعمد الناس على أخذ قطعة قماش صغيرة منها للتبرك، ومنذ عشرون عاما اتولى كفالة الموكب ونقيم تلك الشعيرة ولم استطع يوما ان اتمالك تنفسي من البكاء عندما يقوم جيش يزيد بحرق الخيام ومهاجمة النساء والاطفال، لانها تعيد للاذهان واقعة الطف الاليمة وما جرى على الامام الحسين (عليه السلام) واولاده واهل بيته واصحابه، وعندما تتداخل اصوات عويل الممثلين وبكاء وصراخ الناس ولطمهم على الرؤوس، اقول في داخلي "ساعد الله قلبك يا مولاتي زينب على ما تحملت من مصائب".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير /عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- وزارة الصحة اللبنانية: 3645 شهيدا و 15355 جريحا منذ بدء العدوان
- نحو 35 ألف لبنانياً يصلون إلى العراق منذ اندلاع الحرب في بلادهم
- هدوء وسكينة في جميع مناطقها وكالة نون الخبرية توثق اجواء بغداد في يوم التعداد(صور)