يواجه العراق تحدياً أساسياً يتعلق بالانحسار الكبير للمياه في أنهاره الرئيسة، نتيجة للإدارة المائية الخاطئة، وسياسات دول الجوار المائية، وبشكل خاص تركيا وإيران، حيث تزداد هذه المشكلة خطورة مع تأثيرات التغير المناخي، والتي تتفاعل مع النتائج المضرة للإدارة البشرية المتعسفة للموارد المائية، وبالنتيجة فإن مشكلة المياه تقود بدورها إلى مشكلات اجتماعية واقتصادية وسياسية، وتتحول إلى مشكلة جيوسياسية، ومصدراً جديداً لعدم الاستقرار في العراق.
إلا أنه بعد موجة الامطار الغزيرة التي شهدتها أغلب المحافظات العراقية والتي امتدت لأيام، ورغم المخاطر التي سببتها بسبب السيول والفيضانات، انعكست بالإيجاب على الواقع المائي للبلاد، حيث أكد عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية النائب ثائر الجبوري، اليوم السبت، بان سيول آذار قلصت الفراغ الخزني في سدود 7 محافظات عراقية.
وارتفعت نسبة الزيادة المتراكمة في مساحات الإغمار في الأهوار من 30%-50%، نتيجة الأمطار الأخيرة، بحسب وزارة الموارد المائية.
وقال الجبوري، إن موجة الامطار التي ضربت اغلب مناطق العراق خلال اذار الحالي حملت 3 ايجابيات في ان واحد، وهي: توفير رية متكاملة لمحصولي الحنطة والشعير وتعزيز الخزين المائي في سدود 7 محافظات بشكل مباشر منها ديالى ونينوى وكركوك والانبار، وكذلك تغذية المياه الجوفية خاصة في البوادي الجنوبية والغربية.
وأضاف أن وضع العراق المائي بعد سيول اذار بات افضل مع توقعات بموجات اخرى وفق قراءات الانواء الجوية التي تؤكد بان هناك متغيرات ستفضي الى موجات امطار غزيرة في الاسابيع المقبلة.
يشار إلى أن ارتفاع درجات الحرارة في العراق ادى إلى انخفاض كبير في هطول الأمطار السنوي، والذي يبلغ حاليا 30 في المئة، ومن المتوقع أن يصل هذا الانخفاض إلى 65 في المئة بحلول عام 2050.
وانخفض الحجم الإجمالي للمياه الواردة من دجلة والفرات بشكل ملحوظ من 93.47 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى 49.59 مليار متر مكعب في عام 2020، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تصرفات دول المنبع.
وكانت وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة كشفت في 2 آذار الجاري، عن استحداث 17 مشروعاً استراتيجياً جديداً للمياه.
ويعاني 60 في المئة من المزارعين في العديد من المحافظات العراقية جراء تقليص المساحات المزروعة وخفض كميات المياه المستخدمة، وفقا لاستطلاع أجراه "المجلس النرويجي للاجئين" (منظمة غير حكومية)، داعيا السلطات إلى إدارة الموارد المائية بشكل أفضل.
وبرزت خلال السنوات الأخيرة، أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تمّ تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.
وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية المستغلة في العراق 18 مليون دونم من أصل 32 مليون دونم، حسب تصريحات سابقة لوزير الزراعة محمد كريم الخفاجي.
وكانت وزارة الموارد المائية، أكدت سابقاً، أن السنوات الثلاث الجافة التي مرت على العراق دفعت وزارة الموارد المائية للذهاب والاستعانة بالخزين الاستراتيجي، ما أدى إلى انخفاضه من 60 مليار متر مكعب في عام 2019 إلى اقل من 10 مليارات متر مكعب حاليا وقد وصل تقريبا إلى 8 مليارات متر مكعب.
الجدير بالذكر، أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، منها سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.
كما غيرت إيران مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع حوالي 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر بالأراضي الزراعية في محافظة البصرة، كما قطعت إيران كافة الأنهر الواصلة لمحافظة ديالى، ما ادى إلى فقدانها الزراعة بشكل شبه تام.
أقرأ ايضاً
- عمليات بغداد: المناطق التي تنتهي فيها عملية التعداد السكاني سيرفع عنها الحظر
- العلاق: نسب الإنجاز المتحققة من التعداد تجاوزت 70% في أغلب المحافظات حتى الآن
- اربيل تستعد لتوزيع 27 ألف قطعة ارض على الموظفين