انتقد معهد "الشرق الاوسط" الامريكي الموازنة التي جرى تمريرها في العراق والبالغ حجمها 153 مليار دولار، معتبرا انها تعكس عقلية سياسية "قصيرة المدى"، وكسب الوقت وتشجيع الصبر من جانب الناخبين من خلال اضافة مئات الآلاف من الموظفين المتفرغين والمؤقتين والمتعاقدين إلى القطاع العام.
وبعدما أشار التقرير الى ان الموازنة القياسية كان قد جرى تسهيلها من خلال الصفقة التي تمت سابقاً بين حكومتي بغداد واربيل، قال ان اقرار الموازنة جاء بعد تأخير استمر ثلاثة شهور منذ موافقة مجلس الوزراء على مشروع الموازنة في 13 آذار الماضي.
ولفت إلى أن الموازنة تستند على سعر 70 دولارا لبرميل النفط، إجمالي صادرات يومية حجمها 3.5 مليون برميل، بما في ذلك 400 ألف برميل التي يفترض ان يصدرها إقليم كردستان يوميا.
اتفاقية بغداد واربيل
واوضح التقرير انه تم تسهيل الاتفاق على مشروع قانون الموازنة من خلال صفقة سابقة بين بغداد واربيل منحت الحكومة الاتحادية سلطة مراقبة ومراجعة مداخيل حكومة اقليم كردستان من مواردها من النفط والغاز، وهي صفقة جاءت أيضا بعد حكم غرفة التجارة الدولية في آذار الماضي لصالح حكومة العراق في قضية التحكيم التي تواصلت 9 سنوات ضد تركيا فيما يتعلق بصادرات حكومة اقليم كردستان.
وأوضح التقرير أن قرار المحكمة الدولية أطلق "رصاصة الرحمة" على الإنتاج المستقل وتصدير النفط والغاز لحكومة اقليم كردستان.
واعتبر التقرير الامريكي ان هناك ملاحظات مهمة على الموازنة، اولها انها تعكس "عقلية قصيرة الأمد" لتحالف ادارة الدولة، الذي هو بمثابة الحزب الحاكم الفعلي في العراق، وينتمي إليه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.
الوظائف والتقشف
واوضح ان الهدف من الموازنة هو كسب الوقت وتشجيع الصبر من جانب الناخبين من خلال اضافة مئات الآلاف من الموظفين المتفرغين والمؤقتين والمتعاقدين إلى القطاع العام، وهو ما يعني بالتالي زيادة الإنفاق على رواتب القطاع العام، بما في ذلك الأجور والمعاشات، بمقدار 58 مليار دولار، وهو ما يشكل تعارضا مع توصيات صندوق النقد الدولي والعديد من الاقتصاديين العراقيين الذين كانوا يطالبون بتطبيق سياسة مالية أكثر تقشفا.
ونقل التقرير عن اقتصادي في بغداد لم يحدده، قوله إنها "موازنة توظيف عامة" وليست "ميزانية استثمارية"، مضيفا أنه من بين 153 مليار دولار، لم يتم تخصيص سوى 37.9 مليار دولار للاستثمارات، بما في ذلك مشاريع البنية التحتية.
نفط اقليم كوردستان
وفي ملاحظة اخرى، قال التقرير انه من غير الواضح حتى الان، كيف سيؤثر تمرير مشروع الموازنة، او المفاوضات بين قوى تحالف ادارة الدولة مع الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني التي قادت الى اقرار الموازنة، على تسهيل او عرقلة تعهد محمد شياع السوداني بتمرير القانون الاتحادي للنفط والغاز خلال فترة ولايته، علما بأن أسلافه لم يتمكنوا ايضا من انجاز بهذه الخطوة.
وتابع التقرير ان "ديناميكيات المساومة" التي كانت تجري بين اربيل وبغداد في الماضي فيما يتعلق بالسيطرة على موارد الهيدروكربونات في الاقليم، كانت تجري لصالح اربيل، وكانت تقف كعقبة امام تمرير مثل هذا القانون، مضيفا انه لم يكن في ذلك الوقت من مصلحة اربيل ان تسلم لبغداد السيطرة على الانتاج والتصدير والادارة المالية لمواردها من النفط والغاز.
والان، يقول التقرير انه منذ صدور حكم المحكمة الدولية في اذار الماضي، والذي سبقه حكم المحكمة الاتحادية العليا في العام 2022 فيما يتعلق بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة الاقليم، فإن "ديناميكيات القوة" تحولت لصالح بغداد.
واضاف ان المفاوضات الاخيرة التي ادت الى اقرار قانون الموازنة، كانت تعكس هذا التغيير.
وختم التقرير بالقول انه من اجل المضي قدما، فإن التحديات التي تواجه السوداني من اجل تمرير قانون النفط والغاز الاتحادي، لا تتعلق فقط بحكومة اقليم كردستان، وانما ايضا بالمحافظات الاخرى المنتجة للنفط والتي تسعى الى التوصل هي الاخرى الى اتفاقيات خاصة بها مع بغداد لتقاسم عائدات النفط والغاز.
أقرأ ايضاً
- اقتصادي: إعادة تصدير نفط كردستان سيؤدي لخسارة العراق 5 مليارات دولار وعجز بالموازنة
- العمال في العراق.. "تهميش" مستمر ودعوات لـ"المصادقة" على قانون التقاعد والضمان
- "الضبابية" تحيط بجداول موازنة 2025.. فكم ستبلغ نسبة العجز فيها؟