رغم كل الظروف التي تسببت بتراجع القطاع الزراعي في العراق وتحول مساحات خضراء شاسعة من البلاد الى اراض قاحلة وقلة المياه وغزو المستورد وغياب المنتج المحلي، ما زالت زراعة التبغ تحافظ على جزء يسير منها في محافظة كربلاء، حيث تزرع دوانم عدة بمادة تبغ الآراكيل وبانواع جيدة تظاهي المستورد بل تتخطاه، حيث أصرت عائلات معروفة في مناطق عدة من قضاء الهندية بمحافظة كربلاء المقدسة وتمسك الفلاحون بهذه الزراعة التي توارثوها من الاجداد الى الاباء والابناء ليحافظوا عليها، ودعوا الجهات المعنية لدعم هذه الشريحة القليلة لزيادة المساحات المزروعة ورفع نسب المنتج ليسد الحاجة المحلية منها مثلما كانت كربلاء سابقا المصدر الرئيس لكل محافظات العراق.
طرق زراعة التبغ
يشرح الشيخ رضا آل عبد اليمة شيخ عشيرة آل بو غصة بني حسن لوكالة نون الخبرية طريقة زراعة التبغ بقوله ان "مراحل زراعة التبغ تتضمن زرع البذرة على شكل (داية) مثل باقي المحاصيل الزراعية للخضر وتزرع في بداية فصل الشتاء في مطلع كل عام وتغطى بنايلون وبعد شهرين لحين تفتح الزهرة وبعد نضوجها في بداية شهر آذار يتم نقل (الداية) بعد حراثة التربة وتسميدها وتمريزها وتهيئتها للزراعة وتزرع فيها الداية على شكل (مروز) وتسقى بالماء وتقسم الى سواقي، ثم تأتي مرحلة تثبيت الهرش بالفأس ويضاف له السماد الكيمياوي وترفع منه الادغال والنباتات الضارة به، وبعد نمو الهرش يصل الى مرحلة التوريد بين سيقان الجذر ونقوم بحذف الزيادات عن الساق وفي شهر أيار تصبح الوردة صفراء فتكسر وترفع للسماح بتغذية الساق والاوراق، وبعد مدة من السقي والتغذية وفي نهاية شهر حزيران مع السقي كل ثلاثة ايام تصبح اوراق التبغ صفراء وتكتمل مرحلة النمو النهائي وكان اجدادنا يقطعون الورق وينشرونه بالشمس في شهر تموز ليجف بشكل كامل من الجهتين، اما حاليا فنقوم في شهر تموز بسقيه بالماء بكميات اكثر مما يستحق فيتعرض الزرع الى مرحلة نسميها (التنطيط) وهي موت الساق ويذبل الورد جراء السقي الزائد ويترك لمدة خمسة وعشرون يوما فتتحول الاوراق الى اللون الاصفر فيجمع بعد عزل الساق عن الورق في الصباح المبكر باجواء باردة ويكدس في مكان خاص وتجمع الاوراق ويصبح الحاصل جاهزا للتمليح اي اضافة الملح عليه بعد خلط كميات مناسبة من الملح مع الماء في برميل ويرش على الورق من جميع الجوانب لتجفيف اي جزء قد يكون فيه رطوبة لانه يتسبب بعفونة الورق وينشر لمدة يومين ويكدس ويغطى لايام ليتخمر وتصبح فيه نكهة خاصة ويتحمل في اكياس سعة 50 كيلوغرام ويسوق الى السوق، وحاليا الاسعار غير مشجعة لان مصاريف السماد والمواد تصل الى مليون دينار وسعر طن التبغ يتراوح بين مليون ومليون و(500) الف دينار".
تاريخ زراعة التبغ
ويضيف ان " زراعة محصول تبغ الاراكيل تنحسر في قضاء الهندية وتحديدا في منطقة الجدول الغربي واشتهرت بها عائلات توارثتها من الاجداد الى الآباء والابناء منذ ستينيات القرن الماضي، وتمتد من منطقة شط الله الى مناطق الاعويج ومركز قضاء الجدول الغربي والرجيبة والشاطي وسابقا كانت وزارة الزراعة تمنح اجازة رسمية للفلاح ليستطيع زراعة التبغ ومن ثم تسويقه الى فرع شركة التبوغ في محافظة كربلاء وفي حينها يزود بالبذور والسماد، واشهر العائلات الفلاحية التي كانت تزرع التبغ هي عائلات بيت عبد اليمة آل كاظم السلطان وبيت حجي كريم آل كاظم المطلك وحجي عبيد آل غيدان وعبد الامير آل عبد الحسين المطلك وآل كاظم آل خضر وال بو حمد والحمران وآل صالح آل مهدي وغيرهم، وكانت زراعة التبغ تتم بشكل يدوي حيث يكون حرث الارض بالمحراث الذي تجره الدواب وهو مصنوع من الخشب وفيه نابل وهو رأس حديدي مدبب يحرث الارض بمجرد سحبه من قبل الدواب لكنه كان بطيئا ويحتاج الى جهد بدني كبير وباقي الاعمال تتم بالفاس والمسحاة ويد الفلاح وكان تغطية ورق التبغ تتم بالسعف لعدم دخول النايلون في الزراعة المغطاة حينها، وكان الفلاح يستخدم السماد الحيواني وهو لا يفي بالغرض مثل السماد الكيمياوي الحالي".
انحسار المنتوج
وبين الشيخ رضا ان " المساحة التي تزرع سابقا في مناطقنا كانت بحدود (50 ــ 60) دونم ينتج عنها محصول يصل الى (100ــ 150) طن من التبغ وكانت محافظة كربلاء المقدسة هي المجهز الرئيسي لكل المحافظات العراقية بهذا النوع من التبغ الذي يستخدم في الآراكيل فقط، ورغم دخول انواع جديدة مستوردة من التبغ تستخدم في شرب الآراكيل التي تسمى بـ(المعسل) الا ان هناك مناطق كثيرة ما زالت تستخدم النوع الذي تنتجه مزارعنا من التبغ"، مستدركا ان " الحاصل الآن تراجع بشكل كبير لان الفلاح الان يحتاج الى دعم كبير من وزارة الزراعة ليعيد ما كان موجود من رزاعة في العراق ليس على مستوى التبغ فقط بل لكل المحاصيل فهو يحتاج الى البذور والاسمدة والمستلزمات الزراعية والاليات والمكائن الزراعية والسيارات الانتاجية التي وزعت سابقا للفلاحين بسعر لا يكاد يذكر مقابل ان يزرع وينتح حاصل وغلة من المنتوجات الزراعية، حيث اصبح الان تكلفة الزراعة بمختلف موادها اعلى بكثير من قيمة بيع المحاصيل اي ان الفلاح يعتبر خاسر بالمحصلة، ناهيك عن الجفاف والنقص الحاد بالمياه الذي يعاني منه العراق، ولو دعمتنا الدولة والزمتنا بالزراعة ورفد المنتج المحلي فنحن على استعداد لبذل اقصى الجهود وتحقيق اعلى المستويات في نسب المحاصيل".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- المالكي يدفع باتجاه انتخابات مبكرة في العراق
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة