تحدثت صحيفة مجلس القضاء الأعلى، اليوم الثلاثاء، عن مطلقي العيارات النارية العشوائية، ومواصلة رصاصهم الطائش، تهديد حياة الأبرياء، فيما أشارت نقلاً عن أحد القضاة، إلى عقوبة مَن يطلق تلك الرصاصات الطائشة.
وتقول الصحيفة، إن "كثيرين يعزون إطلاق الرصاص في الأفراح والأحزان إلى قلة الوعي الثقافي وما خلفته الحرب من تأثيرات كأحد أهم العوامل لانتشار هذه الظاهرة، حيث أدت النزاعات المتكررة خلال السنوات الماضية إلى سباق تسلح وانتشار غير مسبوق للأسلحة الفردية وبشكل كثيف بين أيدي مدنيين".
وأضافت: "غالباً ما يسقط الرصاص الطائش على ضحايا مدنيين، أو على المركبات أو المنازل، وغالباً ما يتسبب بفقدان أطفال حياتهم أو إصابتهم بجروح أو عاهات دائمة بسبب وجودهم في أماكن إطلاق النار كالمناسبات الاجتماعية، كما أن الرشقات النارية دائماً ما تطلق من أسطح المنازل أو بين الأزقة الضيقة المكتظة بالسكان، والنتيجة موت محتم لمدنيين أبرياء".
وأشارت إلى أنه "في كثير من الأحيان يفلت الجناة من العقاب ولا يتم العثور على مطلقي النار أو التعرف إلى هويتهم، فالسلطات تنفذ بين الحين والآخر حملات أمنية لوقف هذه الظاهرة، كما تتم دعوة العديد من العشائر والعائلات في أنحاء متفرقة للتوقيع على وثيقة شرف للالتزام بوقف هذه الظاهرة، لكن ذلك كله لم يكتم أزيز الرصاص ولم يحل دون حصد أرواح المدنيين سنوياً لأسباب عدة من بينها ضعف الرادع القانوني".
ويقول القاضي جاسم محمد كاظم، بحسب الصحيفة، إن "الموروث الاجتماعي والعرفي وبعض المفاهيم الخاطئة أصبحت ظاهرة تستوجب التوقف لمعالجتها فأصبح البعض منها يهدد السلم الاجتماعي والأمن وبالرغم من معالجة المشرع العراقي لها كجريمة حيازة وحمل السلاح غير المرخص إلا أن الواقع بخلاف ذلك فيلاحظ كثرة اقتناء الأسلحة وبحجج واهية مثل توفير الحماية والمفهوم الخاطئ بان حيازة الأسلحة أمر مشروع إذا كانت قطعة واحدة، ويرجع سبب ذلك إلى النزعة القبلية التي بدأت ترتفع أمام قوة القانون".
وأشار كاظم إلى إن القانون أجاز الحيازة أو حمل السلاح بضوابط محددة أشار إليها في قانون الأسلحة رقم 51 لسنة 2017 فبإمكان أي مواطن تقديم طلب إلى وزارة الداخلية معززا بالوثائق الرسمية وأسباب طلبه بالحصول على إجازة السلاح ويتم رفع الطلب إلى وزير الداخلية واستحصال الموافقة الأصولية بذلك عن طريق مديرية الهويات وإجازات السلاح".
وتابع كاظم "أما إذا تم إدخال الأسلحة بغير موافقة أصولية من إدارة الكمارك ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع يعد ذلك جريمة إدخال كمركي يعاقب عليها بالسجن وفق الأحكام القانونية الواردة في قانون الكمارك رقم 23 سنة 1984 ويلاحظ قيام الأجهزة الأمنية في فترات مختلفة بحملات التفتيش وضبط الأسلحة غير المرخصة واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين لأحكام القانون".
ولفت كاظم الى انه لا توجد إحصائية محددة لحالات إطلاق النار ولا يمكن تحديد أعداد المصابين لعدم تسجيل جميع الحوادث من قبل المتضررين ذلك أن اغلب أفراح وأحزان مطلق العيارات النارية يتم التعبير عنها بهذه الطريقة بل حتى فوز الفرق الرياضية يتبعها إطلاق النار تعبيرا عن الفرح مع عدم مراعاة أن تصيب الإطلاقات النارية رؤوس الأبرياء أو أموالهم وما تثيره من حالة الهلع والرعب وبدون أي مبرر".
ويرى كاظم أن المشرع العراقي قد عاقب مطلقي العيارات النارية بموجب أحكام قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 570 لسنة 1982 بالحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات وهذا النص أصبح بحاجة إلى التعديل بتشديد العقوبة لمواجهة هذه الظاهرة".
وأكد القاضي أن "هذه الظاهرة تؤدي إلى آثار نفسية ومادية فهي تؤذي المواطنين مباشرة وتسبب لهم إصابات خطيرة تؤدي إلى الوفاة غالبا إضافة إلى التكاليف المالية التي تقع على عاتق أهل المصاب جراء معالجته أو وفاته و ترتب كذلك اثارا نفسية وسلوكا سلبيا وتحرض على العنف لدى الأطفال".
من جانبه، يؤكد القاضي محمد سلمان القاضي الأول لمحكمة تحقيق الكرخ "تفاقم ظاهرة إطلاق العيارات النارية من قبل المواطنين، لاسيما في مناسبات الزفاف وفي حالات الوفاة وحتى عند الاحتفال بمناسبة معينة وبالتالي يتم التعبير عن مجموعة الانفعالات التي يشعر بها الفرد من خلال إطلاق العيارات النارية والواقع أن هذه الظاهرة مؤشر على تدني مستوى الوعي والثقافة الاجتماعية للأشخاص الذين يقومون بذلك حيث تتعلق بالثقافة الشخصية للفرد أو البيئة المحيطة به".
وأضاف سلمان "قد تكون للرواسب الثقافية الناتجة من بعض الممارسات العشائرية السلبية اثر في شيوع الحالة حيث تكثر هذه الظاهرة في المناطق الريفية والمناطق ذات المستوى الثقافي المتدني وهي ظاهرة مرفوضة بشكل قاطع من اغلب فئات المجتمع لما لها من اثر في الإضرار بأموال المواطنين وأنفسهم".
وتابع سلمان: "إضافة لذلك فانه يشكل جريمة قانونية حيث أن قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 اعتبر جريمة أطلاق العيارات النارية من الجرائم المتعلقة بالراحة العمومية وحددت المادة ( 495 / ثانياً ) من قانون العقوبات العقوبة المفروضة على من يقوم بإطلاق العيارات النارية وهي بالحبس مدة لاتزيد على شهر أو بالغرامة "وبعد ذلك صدر قرار رقم 570 في 27/4/1982 الذي تضمن معاقبة من يطلق العيارات النارية وحدد العقوبة بالحبس مدة لاتقل عن سنة ولاتزيد عن ثلاث سنوات وبالتالي شدد العقوبة المشار اليها في المادة (495 / ثانياً ) من قانون العقوبات والغاية من التشديد هو الحد من هذه الممارسات".
ويرى سلمان أن أهم العوامل التي ساعدت على انتشار وشيوع هذه الممارسات يعود إلى انتشار الأسلحة ونتيجة لقلة الوعي القانوني والثقافة لدى بعض المواطنين إضافة إلى النزعة القبلية والعصبية في بعض المناطق والتي يعبر فيها الفرد عن انفعالاته بهذه الطريقة إضافة إلى استغلال الأوضاع الأمنية، ومعرفة الشخص بأنه من الصعوبة التوصل اليه لاسيما إذا كان بعيداً عن أماكن تواجد الأجهزة الأمنية".
وخلص سلمان إلى أن "هذه الظاهرة أصبحت مصدر قلق يستوجب الحد من ذلك ويتم ذلك من خلال نشر الوعي والتعريف بخطورة هذه الممارسات وآثارها على حياة المواطنين وأموالهم ويتم ذلك من خلال حملات التوعية بواسطة القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي إضافة إلى نشر الثقافة القانونية والتعريف بالعقوبة المفروضة حتى يكون رادعاً لمن تسول له نفسه لارتكاب الجريمة " بالنسبة لمجلس القضاء الأعلى فقد اصدر عدة توجيهات بخصوص التشدد على هذه الجريمة ومحاسبة مرتكبيها لغرض الحد منها وتحقيق الردع بقضية الأشخاص الذين يلجئون إلى هذه الممارسات السيئة.
أقرأ ايضاً
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- تبعد (165) كيلومتر عن دمشق: يد السيستاني الرحيمة تغيث اللبنانيين في حمص السورية(فيديو)
- هل نجحت "برامج الرعاية" بالقضاء على الفقر؟