اكد ممثل المرجعية الدينية العليا خلال حفل افتتاح مهرجان فتوى الدفاع المقدس الثقافي السادس الذي اقامته الامانة العامة للعتبة العباسية المقدسة تحت شعار "المرجعية الدينية حصن الامة الاسلامية" وحضرة محافظ كربلاء المقدسة وجمع من رجال الدين وقيادات عسكرية ومفكرين وباحثين وشيوخ عشائر ان "قرار الفتوى ما كان ليكون قرار غيره وهو قرار تأريخي ووطني وديني وما كان ينبغي ان يكون الا هو، ومن يقرأ العمق الحضاري والفكري لامتدادات تاريخ النجف في عمق التاريخ سيرى ان هذا الموضوع الذي صدر هو عبارة عن وجود إرث فكري وديني وحضاري يتطلع الناس دائما الى انتظار مثل هذا الموقف".
الفتوى القاصمة
وقال المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة السيد أحمد الصافي في كلمته التي القاها في افتتاح المهرجان الذي حضرته وكالة نون الخبرية، "وها قد عدنا لكي نحيي هذه الذكرى المباركة ذكرى الفتوى التي قصمت ظهور الاعداء وما كانت لتكون الا باستشعار هذا الخطر، ولاشك ان الامم يتفاوت عليها التاريخ ايجابا وسلبا رفعة وخفضا والعراق هذا البلد العريق المهم والذي يقرأ تأريخه بشكل دقيق سيجد فيه منجما كبيرا من الحوادث التاريخية المتناقضة التي مرت عليه ولعل هذا قدر العراق، فالأحداث التاريخية والموقع الجغرافي للعراق جعله يعاني وقليل الاستقرار، وبعض حوادث التأريخ نحن نقرأها من خلال الفتوى وبعضها بمقدار ما نعيش زمنا نكون نحن الشهود على ما يجري وتأريخنا الحديث نحن جزء منه وتشكل هذا التأريخ بمجموعة عوامل اصبحنا نحن فيه جزء من هذا التاريخ، والعراق مر بفترة صعبة جدا وحتى لا نذهب الى ما قبل الفتوى وهذا امر تكفلت به موسوعة الجهاد الكفائي وتكلمنا فيه كثيرا عن ارهاصات ما قبل الفتوى، لكن الظروف وبشكل سريع التي نهضت بها النجف وسيد النجف والواقع ان قرار الفتوى ما كان ليكون قرار غيره وهو قرار تأريخي ووطني وديني وما كان ينبغي ان يكون الا هو، ومن يقرأ العمق الحضاري والفكري لامتدادات تاريخ النجف في عمق التاريخ سيرى ان هذا الموضوع الذي صدر هو عبارة عن وجود إرث فكري وديني وحضاري يتطلع الناس دائما الى انتظار مثل هذا الموقف".
التوقيت الموفق
واضاف "انا اتكلم عن الشعب والجماهير والناس وإرتباطهم مع الزعامة الروحية ولا اتحدث عن جانب له علاقة بالزعامات السياسية واريد أن أقرأ مشهد أمام مرجعية قدرت الظرف ونطقت في وقت محدد وتوقيت موفق، وعلى مجموعة من الشباب والشيبة ومن اتباع هذا الوجود ومجموعة من اتباع هذا الوطن قد تفاعلت ما نطقت به النجف، وما الذي اوصل البلد الى ما قبل الفتوى هو امر قطعا له قراءة اخرى ودقيقة وقد تحدثنا عنها ومن سمع فقد سمع ومن اعطى لإذنه خلاف السماع فهذا شأنه، لكن الواقع لم يكن يتغير لولا الفتوى وما كانت هناك قدرة على مسك زمام التغيير بغير الفتوى، وعندنا مشكلة اننا نعاني من النسيان وما ان نمر بظرف معين حتى ننساه بعد اسبوع، ولابد ان يكون التاريخ حاضرا عندنا لان قوتنا بمقدار مكتسباتنا وفاعليتنا وفهمنا وتأثيرنا، لان العراق ليس بلدا سهلا ولا قدر الله ان العراق لو كان قد سقط لكان يؤثر تأثيرا كبيرا على كل المنطقة وسبق ان تكلمنا في الذكرى السابقة عن موضوع ماذا لو لم تكن الفتوى؟".
القوة الهائلة
وتابع الصافي بالقول "وانا الآن اتحدث عن قوة هائلة ومهمة ما كان غيرها ليكون في التغيير الذي اوقف هذه العصابات المدعية زورا وبهتانا شيئا الصقوه بالدين والدين منهم براء، وتعرفون لعل من اخطر المسائل عندما يقل وعي الناس وتزداد شيطنة من بيده الإمر ومن اخطر المسائل على هؤلاء هم شياطين الأنس الذين يلعبون بمقدرات الناس بالخديعة ويتخذون الاطر الدينية لتمرير ما يحققون، ولاحظوا بعد وفاة النبي الاكرم محمد (صلى الله عليه وآله) قفز على الفور الى السطح مدعي النبوة ووفي زمن النبي لم يدعيها احد لانهم وجدوا انها سلاح وتأثير فادعاها كذبا وزورا وعلى مر التاريخ ستجد ان هناك خطا اصيلا واقعيا وهناك خطا مزيفا يريد ان يعبث وفرز هذه الخطوط يحتاج الى وعي وكما قال أمير المؤمنين "عليه السلام" (اعرف الحق تعرف اهله) ويبقى الانسان دائما امام فتن ومن يتوقع منا ان الفتنة انتهت او تنتهي فهو واهم لانها تأخذ اشكالا متعددة، وفرز هذه الأمور يحتاج الى بصيرة ووعي ونوع من الالتفاف للحق بما هو حق، والمرجعية حاضرة ودائما تراقب وقد تحدث بأمور كثيرة تتعلق بالبلد وحذرت من امور كثيرة تهم البلد وطرق التحذير والانذار والنصح كانت واضحة الى ان وصلنا الى ان ثلث من البلد انهار لان الآخرين قد اعطوا الاذن التي لا تسمع، ونوح النبي (عليه السلام) لبث في قومه ما لبث لكنهم كانوا يجعلون اعصابهم في آذانهم وسيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام) في واقعة الطف والمعركة بدأت وكان بين خطب سيد الشهداء والمعركة سويعات لانها بدأت قبل الظهر وكان فقط يريد ان يتكلم ويبين فيجيبوه "لقد ابرمتنا بكثرة كلامك" والامة عندما تغلق نعمة السمع وتغلق آذانها ستقع في مستنقع لا تنهض منه ولات حين مندم، فماذا نفع عبيد الله بن الحر الجعفي الذي هرب حتى لا ينصر سيد الشهداء والحسين بنفسه جاءه والآن لعنة التاريخ تلاحقه وانصار سيد الشهداء تيجان التاريخ تفتخر وتنظر الى هذه العناوين الشامخة".
الارتباط الروحي
واوضح المتولي الشرعي للعتبة العباسية ان "هناك لحظات في التاريخ حرجة والانسان لابد ان يقرر اما ان يلتحق بمجد واما ان يذهب الى هاوية وهذه الهاوية تذهب به الى قعر الانحطاط، والمرجعية هي امتداد لهذا الوجود ولا تريد منا جزاء ولا شكورا ولاحضوا ان هناك عامل مهم في سيرة الانبياء وخصوصا نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي اذا اردنا ان نتكلم بإنصاف فإنه بذل جهدا هائلا في سبيل ان يخرجنا من الظلمات الى النور وفق مبدأ "قل لا أسألكم عليه أجرا" لان لذته عندما نخرج من الظلمات الى النور، واذا سألنا أجر فعلى مبدأ "قل ما سألتكم من أجر فهو لكم"، فلا نقابل مع هذه الزعامات الدينية الروحية بمال او عوض والعوض هو الفوز، وما حدث ما قوبل بعوض الشهداء الذين سفكت دمائهم فأنا وانت والتأريخ والموسوعة تتبعناهم فوجدناهم من اهل الله ولم ينظروا الى الدنيا لانهم لا يملكون شيئا منها، والذين كانوا يملكون كانوا يعتقدون ان هذا ملك زائل وان هناك ملك دائما، فيجب ان نتبع من لايريد منا جزاءً ولا شكورا، لذلك لابد ان نحرص دائما على فهم ما جرى ولا بد ان نفهم طريقة واسلوب العلماء وتأثير هذه الفتوى وارتباطنا روحيا بها ولابد ان نقرأ جيدا ونكون على حذر دائم حتى لا يتكرر المشهد، وهذا ليس كلاما شعبيا بل هو كلام نخبوي فمن بيده زمام الامور لابد ان تكون قراءته اكثر دقه لا ان يضع على الاذن غشاوة، وركب الفتوى سار وانتصر العراق وانتصر الشهداء على اعدائهم وانتصر هذا الشعب المبارك لانه أطاع وخضع".
جمع الشتات
واستدرك الصافي بقوله" ان قارئ القرآن قبل قليل ذكر آيه بالواقع تنطبق على ما جرى، وهي "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"، لان عصابات "داعش" التكفيرية نصروا بالرعب والقتل واستباحة الدماء وهو اسلوب مرعب يستخدمه طرف ضد اخر ليقول اما ان تكون معي واما ان ازيلك من الوجود، لانها معركة وجود وهذا الحال يصفه القرآن ويشير الى الحرب النفسية والضعف والخوف امام الاعداء وبالفعل خافت منهم اناس وسافرت اناس كثيرة واغلقت دورها اناس كثر وابتعد غيرهم وصعد على التل الآخرون، لكن لاحظوا الجواب "فزادهم ايمانا" وحقيقة ان ما حدث انهم زادهم ايمانا، ففتوى الجهاد والابطال والشهداء والجرحى فنعيش ونحن ندان بما حصل، واقعا ان هؤلاء زادهم ايمانا لاننا اقوى لكننا مشتتين، وجمعنا "سيد النجف" وعندما صدرت الفتوى تبين ان هناك طاقات هائلة في البلد تحتاج الى من تثق به وتعطي هذا الدم الى ثقة بارتباطه بالله ولم تتردد لحظة في ان تستجيب، لانها فتوى استطاعت تلم الشعث وتوحد الصف لان الخطر عظيم ويعصف باالبلاد من اقصاها الى اقصاها كما حددته الفتوى، وبينت ذلك بتلك الفتوى وما بعدها في ان تحافظ على مسار ما نطقت به وحددت المسار ودخلت في تفاصيل المعركة ووصايا الى الابطال المجاهدين المندفعين الذين كثرة اسئلتهم الشرعية التي نعبر عنها بانها متعلقة بأسئلة حرب والمسألة ليست اندفاع عشوائي كيفما اتفق وانما مبينة على دقة ووعي فاذا اجتمعت تلك الفتوى مع اناس يترقبونها ومهيئون للاستجابة تكون النتيجة ان تضج المعسكرات باعداد زائدة اجبرت الكثير على العودة لبيوتها".
ايقاظ القوة
والامر الثاني الذي بينه الصافي في الفتوى انها " استطاعت ان توقظ القوة عندنا، وقد سمعتها من المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني (دام عزه) عندما قال " ان الامة التي تفقد ارادتها لا تستطيع ان تدافع عن نفسها" لانها ستشعر بالاحباط واليأس والخوف المقرون بالجبن لان الجبن رذيلة والخوف غريزة، واحدهما غير الآخر، والانسان يخاف وحتى الانبياء "فاوجس في نفسه خيفة" كما ورد في القرآن عن النبي موسى (عليه السلام)، والمرجعية جعلت هذا الخوف مشحون بالشجاعة وليست بالجبن واشعرتهم "نحن معكم" وكنا نرى في اعين هذه الاعداد النصر والثبات، وكما قال احد المراجع " انا اشهد ان هؤلاء الذي لبوا الفتوى لو كانوا في زمن سيد الشهداء لكانوا في الصف الاول"، وانا اؤكد على ضرورة توثيق هذه القصص التي غيرت التاريخ لان بعض القصص تكتب بالاقلام وبعضها يكتب بالدماء وهؤلاء كتبوا التاريخ بالدماء فحقا علينا ان نكتب تاريخهم بالاقلام، واستطاعت هذه الفتوى ان تخرج هذا الخوف الملازم الى الجبن وجعلته خوف مع الشجاعة ثم تحولت الى قوة، والفتوى جعلت الوجوه تستقيم وتنظر الى الامام وبينت الطريق واوضحته فانتصر العراق وهي حالة القوة التي تشحنها فينا الفتوى ولابد من ذكرها دائما".
الطاعة والاستجابة
والنقطة الثالثة للفتوى التي ذكرها السيد احمد الصافي كانت في قوله ان " الذين استجابوا وفقوا ولا اقول ان المرجعية وفقت بالفتوى لانها موفقة دائما والبعض وفق للاستجابة والبعض الاخر للاسف لم يوفق للاستجابة والمرجعية الدينية بينت مشاكل في البلد ما قبل الفتوى وبعدها، والذين وفقوا لانهم سمعوا من المرجعية ما تقول ونفذوا ما تقول، وبعد العام 2003 الكل شاهد ان البيوت امتلئت بالسلاح اخدتها الناس من مقرات النظام المباد ولان الناس تخشى على مصيرها دينا ودنيا وخصوصا ان الناس لم تتوقع ان البلد سيمر بمشاكل سياسية ودينية فتسائلوا ما مصير هذه الاسلحة فكان جواب المرجعية انه لا يحق لكم اخذها، والمعروف ان اي شجار يحصل بالكلام ممكن ان يتطور بسهولة الى القتال بالسلاح، وقد استجاب الناس لنصائح المرجعية بأن توضع في المساجد ومقرات المؤمنين والوجهاء وجمعت بالفعل هناك لان هؤلاء يسمعون ويطيعون، والانسان الذي يعود نفسه على طاعة من يستحق يوفق، وأمير المؤمنين (عليه السلام) قال "صاحبكم يطيع الله وانتم تعصونه وصاحب الشام يعصي الله وهم يطيعونه" وهو تعبير عن معاناة عدم الطاعة ووصول الامر الى اعلى ما يمكن، لان الطاعة تحيي البلاد وتولد حراك وقوة ".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- صراع دولي وشبهات فساد.. هل تفشل الاتفاقية العراقية الصينية؟
- المالكي يدفع باتجاه انتخابات مبكرة في العراق
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق