مضى على عملهن في خدمة زوار أبي عبد الله الحسين عليه السلام سبعة عشرعاما ، انهن عشرون إمرأة حسينية بين قريبات وجيران ومعارف في منطقة كرمة علي توشحن بالسواد ووقفن شامخات على تنوري طين خلف موكب الإمامين العسكريين يتناقلن عجين الخبز وينشرنه على وسادة الخبز ثم يضعنه في التنور ويخرجن الارغفة الجاهزة ليطعمن الزائرين لمدة سبعة ايام بعد ان يصنعن قرابة الفي رغيف خبز يوميا.
الطعم والتراث
لمة محبة وقلوب صافية جاءت للخدمة الحسينية، هكذا تصف "ام علي" التي واكبت تأسيس الموكب عام 2004 بعد ان اصبح عددهن 20 إمرأة في صناعة الخبز، تبين بقولها لوكالة نون الخبرية، اننا "نحرص على ان يتناول المشاية الخبز الحار من تنور الطين لما له من نكهة مميزة محببة لاهالي البصرة فطلبنا من اصحاب الموكب أن يحضروا لنا تنوري طين ووقود حيواني المسمى "مطال" يتبرع به مربي الجواميس والابقار لانه يعطي قوة نارية كبيرة تسرع في نضوج الخبز، ومن يشاهد وقوفهن خلف تنورين من الطين ومطال الوقود يعود به الزمان الى قبل اكثر من اربعين عاما حيث كانت العائلات العراقية لا تعرف الا تنور الطين سواء في البيت او المخابز".
يبدأ الفريق النسوي المقسم الى مجموعتين الاولى منه مكونة من خمس نساء مهمتهن عجن الطحين وتحضير " الشنك" بعدد من الصواني ومجموعة آخرى مهمتنا الخبز في التنورين مكونة من خمسة عشر إمرأة تتناوب بثلاث وجبات على العمل منذ صلاة الفجر الى ما بعد منتصف الليل دون كلل او ملل، تشرح "ام علي"طريقة العمل بقولها إنا " بدأنا بثلاث نساء يوميا وتصاعد العدد بشكل طردي مع زيادة عدد الوجبات التي يقدمها الموكب الى ما تراه اليوم وهو عشرون إمرأة خمسة منهن لاعداد العجين والباقي للخبز في وجبات عمل متعددة"، مبينة انهن "يعملن بسرعة في اوقات الذروة ويهيئن الخبز الحار من تنور الطين الذي يعشقه اهالي الجنوب"، مشددة ان "كثير من البركات استشعرتها خادمات الحسين سواء في تزايد اعداد الخبز او في بيوتهن من خلال وفرة الرزق وراحة البال"، مؤكدة انهن "يحرصن على اشراك ابنائهن واحفادهن في الخدمة الحسينية لتستمر من عائلاتهن اجيال بعد اجيال تخدم القضية الحسينية".
رضا الله
أما ام حيدر وهي الجارة القريبة على قلب "ام علي" فكانت من اوائل النسوة اللواتي التحقن بالموكب وباشرت بعمل الخبز، فتؤكد ان "عائلتها حسينية عاشقة لمحمد وآل محمد كانت تقيم الشعائر والطقوس الحسينية حتى في حقبة البعث الكافر الذي كان يمنع تلك الشعائر بالقوة والترهيب، وبعد ان بدأ المسير عام 2003 ونصبت مواكب خدمة قليلة ثم ازدادت عاما بعد آخر ومنذ ذلك الحين وانا اباشر بالعمل من الصباح الى المساء اخبز وجبات عدة اقدم فيها مئات الارغفة قد تصل الى 500 رغيف يوميا ، وتساعدنا نسوة يهيئن العجين قبل وقت مناسب، وبعد مباشرتها في الخدمة الحسينية استقطبت عددا من النسوة فباشرن معها"، تقول عن الخدمة الحسينية اني "اشعر بسعادة لا توصف وانا ارى الاف الزائرين يتناولون ما نصنع من الخبز وان رضا الله نستشعره داخل نفوسنا عند اداء هذا العمل الصالح، وتعدى الامر الى اننا قمنا باستضافة زائرات وزائرين في بيوتنا بعد انتهاء العمل وتقديم خدمات اخرى لهم خلال مبيتهم وذهابهم صباحا لاسيما النساء اللواتي يحتجن الى ضروف خاصة".
خمس وجبات رئيسة
تأسس الموكب عام 2004 واستشهد صاحب الموكب في معارك تحرير المحافظات التي سقطت بيد عصابات "داعش" الارهابي فتوليت ادارة الموكب هذا ما بينه احمد راضي جابر ويضيف اصبحنا نقدم وجبات عدة احتجنا فيها الى الخبز فقررنا شراء تنوري طين وتكليف النساء بعمل الخبز فكانت استجابت سريعة من نسائنا والجيران، لاننا نقدم اولى الوجبات الافطار بعد صلاة الفجر مباشرة وهي عبارة عن قيمر ومربى ومعها خبز حار ثم نقدم الوجبة الثانية سمك وخبز حار والعصر اهيئ طعام العشاء وهو مخصص لاكلة كص اللحم و الدجاج بالخبز الحار، وبعدها شطائر فلافل بالخبز الحار ووجبة خامسة اقدمها ايضا في الساعة الثانية بعد منتصف الليل فتصبح كمية ما نقدمه من الخبز بحدود الفي رغيف بعد صرف اربع اكياس طحين يوميا.
قاسم الحلفي - البصرة
تصوير: عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- بركات الامام الحسين وصلت الى غزة ولبنان :العتبة الحسينية مثلت العراق انسانيا(تقرير مصور)
- "لن نغادر إلا للسماء".. فلسطينيون يرفضون التهجير من شمال غزة
- عمرها يتجاوز (500) عام :مهنة "رواف الملابس" اندثر سوقها في بغداد وتسير نحو الانقراض (مصور)