لم تتوان الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة في جملة ما قدمته من رعاية واهتمام بالغ للتراث وتحقيقه وصيانة مخطوطاته متبعة طرائق علمية لأجل ذلك من خلال مراكز متخصصة ومجمعات ودور علمية، ومن بينها مركز الإمام الحسين (عليه السلام) لترميم وصيانة المخطوطات التراثية الذي يحتوي على (5600) مخطوطة.

في هذا السياق تحدث (مناف التميمي) مدير المركز لوكالة نون الخبرية قائلاً: "ان المركز احد المراكز البحثية التي تهتم بالتراث الخطي وبقية العلوم الاخرى حيث يمتلك (5600) مخطوطة استطاع اقتناءها عن طريقي الشراء والإهداء، وهي في علوم مختلفة كالفقه والأصول والفلك والطب والحساب واللغة والأدب وعلوم أخرى, أما أقدم المخطوطات فهي نسخة من القرآن الكريم تعود إلى القرن الأول الهجري، وهذه المخطوطات بمختلف الانواع والاحجام والقياسات ويقوم المركز ازاءها بعمليات ترميم وصيانة للمخطوطات المتضررة والقديمة وذلك بالتعاون مع المختصين وطلبة الكليات والمراكز العلمية المهتمة بعمل ترميم المخطوطات التراثية التي تدخل ضمن منهاج مركزنا خلال اشهر السنة".

نشاطات المركز

وتحدث التميمي "إن باب المركز مفتوح للباحثين والمحققين للاستفادة منه وقد طلب بعضهم نُسَخَاً من المخطوطات لتحقيقها فقام المركز بتقديمها لهم مصورة بصورة عالية الجودة, كما دعم المركز المحققين والباحثين في مجال الدراسات العلمية الحديثة حول المخطوطات".

واضاف "نجري نشاطات مع طلبة الدراسات العليا ونقدم لهم كافة التسهيلات من خلال مختبراتنا العلمية الموجودة داخل مركزنا التي تحتوي على الكتب البيولوجية والكيميائية المتكاملة وهي متاحة اما طلبة الدراسات العليا لإتمام رسائلهم الجامعية على صعيد الماجستير او الدكتوراه لذلك نحن حريصون على تهيئة مختبراتنا لإجراء الفحوصات التي تدخل ضمن مناهجهم العلمية".

الصيانة الوقائية والترميم والمختبر

ذكر (التميمي): ان "عملية المحافظة على هذه المخطوطات التراثية تحتاج الى عمل مكثف وشاق من قبل العاملين حيث تدخل في عملية تأهيل المخطوطات الى قسمين: الاول يشمل الصيانة الوقائية حيث نقوم بتهيئة ظروف صحية لخزن المخطوطات من خلال توفير درجة حرارة معينة ودرجة رطوبة ودرجة ضوء ثم نقوم بعملية التنظيف الميكانيكي وتخليص المخطوط من العوالق والغبار والاتربة الموجودة ضمن اطار ذلك المخطوط الخطي، اما القسم الثاني، ويشمل الترميم فبعد إجراء عملية فحص المخطوطة تحوّل إلى قسم الترميم حيث توضع لواصق حسب الطريقة التي تتبع في عملية ترميمها، وهناك عدّة طرق في ترميم المخطوطات، منها: استخدام عجينة الورق أو استخدام الورق الياباني، كما يتم إكمال النواقص من المخطوطة من الورق ــ وليس النص ــ وتقوية الطبقات اللونية وتدعيمها إذا كانت ضعيفة لضمان عدم تساقطها".

وسرد التميمي آلية الترميم بقوله: "نقوم باختيار المخطوطة الاكثر ضرراً وتعرضاً لتدخلات بشرية او سوء خزن او بسبب الفطريات التي تعرض لها المخطوطة بشكل عام حيث نركز على ترميم المخطوط واداخلهُ ضمن عمليات ترميم من خلال تصويرهُ لغرض التوثيق ثم نقوم بتشخيص نوع الاصابة الموجودة بعدها نقوم بأخذ الفحوصات المختبرية ثم نحولها الى المختبر الكيمائي الذي يتم به معالجة تلك الاصابات الفطرية حيث يتم فحص بمقدار ثباتيه الحبر على الورق مع مراعاة حموضة الورقة وكشف الياف الورقة ومقدار المرونة بها وتشخيص انواع البقع الموجودة على المخطوط بعد ذلك يتم الانتقال الى قسم الترميم حيث يتم انتخاب الطريقة الافضل من خلال ترميم المخطوط باستعمال الورق الياباني مع استعمال عجينة الورق وهناك العديد من الطرق التي يتم معالجة وترميم المخطوطات حسب الضرر الموجود فيها".

مراكز تواصل عديدة

وختم (التميمي) حديثهُ قائلاً: بشكل عام مركزنا لديه الكثير من قنوات الاتصال المشتركة مع اغلب مراكز المتخصصة بالمخطوطات التراثية سواء كانت المراكز المحلية او الخارجية لاسيما الأقسام والكليات المهتمة في مسألة الكتاب الخطي وخلال فترة جائحة كورونا توقفت نشاطاتنا نظراً لظروف التي يعيشها البلد حيث كانت عائقة امام العديد من النشاطات التي كنا مستعدين لتنفيذها خلال هذا العام ولكن انصدمنا بالواقع وخلال السنوات السابقة قام مركزنا بعدة ورشات عمل ومعارض تخصصية في الجامعات العراقية وكذلك قمنا بعدة معارض لتعريف المهتمين بكيفية التعامل مع كتاب الخطي وكيفية معالجتهُ وترميهُ وصيانتهُ ولكن بسبب جائحة كورونا توقفنا قليلاً واليوم عازمون للعودة خلال الفترة المقبلة من خلال خطة جديدة تتناسب مع طموحاتنا المستقبلية، ومن جانب اخر لم نكن مكتوفي اليد بسبب هذه الجائحة بل قمنا بعدة ندوات الكترونية متتالية بعناوين مختلفة عبر منصة (ZOOM) ولغاية الان مستمرين بإعداد الندوات بشكل متسلسل وحسب ما يتطابق مع خدمة الكتاب الخطي"

تقرير: عباس السلامي - تصوير: محمد القرعاوي