أكد المستشار المالي لرئيس مجلس الوزراء مظهر محمد صالح، أن الورقة البيضاء تعتبر دستوراً اقتصاديا للبلاد، لبناء مستقبل إدارة البلاد الاقتصادية وفقا لكفاءة السوق.
وقال صالح، في تصريح صحفي، إن "العراق بحاجة إلى قانون جديد يعتمده البرلمان للإصلاح الاقتصادي، حيث أن الأزمة المالية سريعة وعميقة، بسبب الاعتماد التام على الريع النفطي في بناء هيكلية الإنفاق والصرف في موازنات البلد، بشكل توسع تراكميا منذ عقود طويلة".
وأضاف، "نستبعد إجراء تحولات هيكلية خلال فترة قصيرة بإيجاد مصادر تمويل بديلة وسريعة في اقتصاد أحادي ضعيف التنوع ما لم يتم اللجوء إلى الاقتراض، لسد فجوة المصروفات المستدامة".
الدستور الاقتصادي
وعن الورقة البيضاء قال صالح: "في اعتقادي أن البلاد بحاجة إلى قانون أساس يشرع للإصلاح الاقتصادي، أي تعتمده الهيئة التشريعية، وأعني هنا الورقة البيضاء، واعتبارها دستورا اقتصاديا للبلاد، لبناء مستقبل إدارة البلاد الاقتصادية وفقا لكفاءة السوق"، وفقاً للجزيرة نت.
وتابع، "وتستند كفاءة المنظمات الاقتصادية الحكومية على سياسات عامة متسقة معروفة الأهداف يمكن قياس نتائجها في حساب رفاهية الشعب، وبناء على ما تقدم، فإن الورقة البيضاء هي بحاجة لا مناص إلى تأطير قانوني كي تأخذ تطبيقاتها الشرعية بدون تردد أو إهمال، وتصبح الأساس لأي برنامج حكومي تعتمده الحكومات القادمة بالتعاقب لتواصل العمل على التنمية والإصلاح وفق المنظور البعيد".
تحركات اللجنة المالية
وتطرق صالح، إلى تحركات اللجنة المالية ومقترحاتها الأخيرة لتجاوز الأزمة المالية قائلا: "أرى من الضروري أن تناقش اللجنة المالية مقترحاتها في الإصلاح المالي والاقتصادي مع الحكومة، لا سيما وزارة المالية، بغية وضع التوقيتات الملائمة، وتقييم الإمكانات المتاحة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة، على سبيل المثال، لكونها بحاجة إلى كادر مقتدر في تطبيق إجراءات ضريبة القيمة المضافة والمرور على عشرات الآلاف من المعاملات الخاضعة للضريبة، بما في ذلك الوقوف الصحيح والدقيق على مدخلات ومخرجات ونتائج النشاط الاقتصادي اليومي الخاضع للضريبة، مما يتطلب موارد مادية وبشرية وهيكلة تنظيمية ورقمية كبيرة في الجهاز الضريبي، مع العلم أن 65 حتى 70% من نشاط السوق يقع في المنطقة الرمادية المتهربة من التعاطي أو التعامل مع الجهاز الضريبي".
الاقتراض وتبعاته
وعن لجوء الحكومة إلى مشروع الاقتراض بين صالح، أن "الأزمة المالية سريعة وعميقة، بسبب الاعتماد التام على الريع النفطي في بناء هيكلية الإنفاق والصرف في موازنات العراق، وبتوسع تراكمي منذ عقود طويلة، لذلك من الصعب إجراء تحولات هيكلية بإيجاد مصادر تمويل بديلة وسريعة في اقتصاد أحادي ضعيف التنوع ما لم يتم اللجوء إلى الاقتراض لسد فجوة المصروفات المستدامة، ذلك يتم بتوسيع الدين العام على أمل أن تتحسن موارد الموازنة بالتدريج، فضلا عن أن إعادة هيكلة المصروفات وتقليصها ليس بالأمر الهين، لكونها مرتبطة بالتزامات وتشريعات وضعت بالسابق، ويصعب تعديلها فورا لما قد تحمله من آثار اجتماعية واقتصادية غير مرغوبة".
وتحدث صالح عن حجم رواتب الموظفين وإمكانية تقليل الإنفاق قائلا: "لا توجد حلول آنية جوهرية، ولكن هناك أهمية للسيطرة على التوسع في هذا الباب، وضبط عدم انفلاته، والتوسع به"، مشيرا إلى أنه "لا توجد إرادة سياسية موحدة في اختيار خارطة طريق موحدة للإصلاح الاقتصادي".
الصناعة والزراعة والمسمار الاخير!
وقال صالح: إن "اعتماد ليبرالية الاقتصاد والانفتاح على الاقتصاد العالمي خلال العقدين الأخيرين وبضوابط وسياسات تنمية ورقابة اقتصادية ضعيفة واقتصاد داخلي هش، جعل اقتصادات العالم تعمل بكفاءة عالية وتنافسية كبيرة، وهو أمر يدق المسمار الأخير على خشبة آخر حرفي عراقي يشتغل في صناعة الأخشاب أو الأحذية أو الحقائب، ويقلع آخر دولاب من دواليب الصناعة الوطنية بعد أن أغرقت السوق الوطنية عمدا أو جهلا ببضائع دول آسيا رخيصة الثمن والممولة بمدخولات الريع النفطي؛ لذلك ما زالت البطالة مرتفعة في البلاد منذ عقدين، وما زالت الصناعة التحويلية والزراعة لا تشكلان سوى 7% من الناتج المحلي الإجمالي للعراق، وهي تضم 37% من قوة العمل، والمجتمع جله يعتاش على الوظائف الحكومية الخدمية ضعيفة الانتاجية أو على الدعم والإعانات الحكومية المدفوعة من موازنة ريع المورد النفطي".
سعر الدولار والاقتصاد العراقي
وأوضح صالح أن "استقرار صرف الدينار العراقي يمثل استقرار القيمة الخارجية للنقد الوطني، ومن ثم استقرار مستوى المعيشة، والدفاع عن استقرار سعر الصرف هو أحد أهم واجبات البنك المركزي العراقي في بلوغ أهدافه في بناء الاستقرار كمناخ للنمو الاقتصادي، وعلى الرغم من عجز الحساب الجاري لميزان المدفوعات إلى الناتج المحلي الإجمالي حاليا، والذي هو بنحو سالب 8% حسب التقديرات الأولية، إلا أن البنك المركزي يدافع عن سعر الصرف من خلال احتياطاته الأجنبية، وأن هذا الدفاع مرهون بكفاية الاحتياطيات الأجنبية التي لم تبلغ الخطوط الحمراء لها حتى اللحظة".
وبين صالح أن "التجارة الإقليمية ترسخت على مستوى بلدان الجوار العربي والإقليمي منذ فرض الحصار، وأمست المناطق الحرة للبلدان المجاورة من السلع المعمرة ولوازم الإنتاج والسلع الاستهلاكية، لا سيما الغذائية، لا يتعدى مصدرها بلدان الجوار، عموما تهيمن التجارة الاستيرادية لبلدان العراق المجاورة نسبة 60-70% من إجمالي استيرادات القطاع الخاص، ما يعني أن الجذب التجاري الإقليمي له اليد الطولى".
أقرأ ايضاً
- السماء تجمع شيعة العراق والسعودية.. ما التأثير الاقتصادي؟
- ماذا تحمل حقيبة السوداني الاقتصادية إلى واشنطن؟
- خشية من فرض ضرائب جديدة.. عجز غير مسبوق يهدد الاقتصاد العراقي في ظل الموازنة الاضخم بالتاريخ