في الوقت الذي يتعرَّض فيه الوزراء السابقون بالحكومة لمسائلات قانونيَّة واتهامات بالاستيلاء على المال العام وتسهيل بيع أراضي الدولة وانتهاج سياسة الاحتكار للسلع الاستراتيجيَّة، أكد عدد من الخبراء أن تلك الممارسات جاءت نتيجة لتفشي الفساد داخل المجتمع في ظلّ السياسات التي مارسها وزراء وأعضاء في الحزب الوطني الحاكم لتحقيق أكبر مكاسب خلال فترة توليهم للمناصب.
وقدَّر الخبراء تكلفة الفساد في مصر تصل إلى 80 مليار جنيه سنويًّا طبقًا لبعض الدراسات الاقتصادية بما يفوق ثلث الموازنة السنوية للدولة.
وقال الخبراء: إن الفساد والرشوة هما شرارة انطلاق الثورة الشعبيَّة التي تطالب بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعيَّة في مواجهة الفقر المدقع الذي يعيش فيه أكثر من نصف سكان مصر.
وأشاروا إلى أن أهم مظاهر الفساد انتشار ظاهرة الدروس الخصوصيَّة والتي تستنزف نحو 15 مليار جنيه سنويًّا ووصول قيمة التهرب الضريبي إلى 10 مليارات جنيه و6 مليارات كخسائر لمقاولي البناء والإسكان نتيجة الاحتكار في السلع الاستراتيجية على شاكلة الحديد والأسمنت، والتي أدت إلى ارتفاع الأسعار حتى وصل سعر الطن إلى 10000 جنيه للحديد بسبب ممارسات أحمد عز الاحتكاريَّة دون محاسبته حتى تضخَّمت ثروته، ووصلت إلى نحو 60 مليار جنيه ووزير الداخلية السابق إلى 8 مليارات جنيه، وأحمد المغربي وزير الإسكان السابق إلى نحو 11 مليار جنيه، وأيضًا زهير جرانة الذي دخل الوزارة وهو مفلس بعد خسارة شركته جرانة للفنادق، حيث استغلَّ منصبه كوزير للسياحة ونجح في إعادة هيكلتها من جديد من خلال الوزارة والتعاقدات التي كانت تتعاقد عليها الأفواج القادمة من الخارج، فضلا عن احتكار الشركات الأجنبيَّة لقطاع الأسمنت بعد خصصتها، والذين رفعوا سعر الطن إلى 800 جنيه، في الوقت الذي تصل فيه التكلفة الإجمالية له إلى 120 جنيهًا فقط، بالإضافة إلى 2 مليار جنيه فساد في المحليات.
وقال الدكتور محمد الراوي أستاذ الإدارة المتفرغ بالجامعة الأمريكية: إن حجم الخسائر على الاقتصاد المصري بسبب الفساد اختلفت من دراسة إلى أخرى، ولكن مركز الأهرام منذ عام 2009، أصدر دراسة حول تكلفة الفساد التي قدرت بحوالي 80 مليار جنيه، ولكن هذه تقديرات متدنِّية بعدما فوجئنا بحجم الأموال التي يمتلكها من عملوا في النظام المصري.
وأشار الراوي إلى أن أسهل أنواع الفساد التي يمكن السيطرة عليها تتعلَّق بالجهاز الإداري للدولة، حيث أن أغلبيَّة الفساد تتعلَّق بالرشوة من أجل تيسير الأعمال لطالب الخدمة بمجرد البدء في تطبيق القوانين الإداريَّة ومعاقبة الموظف الحكومي أيًّا كان شأنه وبذلك سوف ينتهي الفساد تمامًا.
وطبقًا لبعض التقارير التي تناولتها بعض وسائل الإعلام الأجنبيَّة خلال الأيام الأخيرة، أشارت إلى أن أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب وأمين التنظيم في الحزب الوطني تصل ثروته إلى 60 مليار جنيه رغم أن عز يعتبر حديثًا في الاقتصاد المصري، فعمره الاقتصادي لا يتجاوز 15 عامًا، كما أن الأسرة الحاكمة تمتلك ما يقرب من 70 مليار دولار، ويحتلّ مبارك الترتيب الثالث على مستوى أغنى رؤساء العالم.
وأشار الراوي إلى أن الموازنة العامة للدولة تسدد سنويًّا ما يقرب من 4 مليارات دولار فوائد للدين الداخلي والخارجي الذي يصل إلى 850 مليار جنيه، وبالتالي فلا بدّ أن يتمّ الاستيلاء على أموال كلِّ من تربَّح من وجوده داخل النظام المصري، والتي تؤدي إلى زيادة الضغط على الاقتصاد القومي ومن ثَمَّ عرقلة معدلات النمو الحقيقيَّة.
أقرأ ايضاً
- اقتصادي: إعادة تصدير نفط كردستان سيؤدي لخسارة العراق 5 مليارات دولار وعجز بالموازنة
- خلال أسبوع.. البنك المركزي العراقي يبيع نحو مليار ونصف المليار دولار
- الصناعة تؤكد افتتاح 9 مصانع وإنجاز 80٪ من البرنامج الحكومي