- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تظاهراتنا.. تنتظر موقفاً موحداً
بقلم: عادل الموسوي
إرادة الشعب.. مبدأ أصّلته المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف وأصرت على تأكيده وترسيخه في أذهان الجميع: الشعب، القوى السياسية، القوى الدولية والإقليمية، وصار واضحاً جلياً لمن تابع بيانات المرجعية الدينية منهجيتها في إحترام تلك الإرادة و"أن الشعب هو المصدر الأعلى للسلطة وهو من يختار بلا وصاية لأحد عليه"، و"إن المرجعية الدينية ستبقى سنداً للشعب العراقي الكريم، وليس لها إلا النصح والإرشاد الى ما ترى إنه في مصلحة الشعب، ويبقى للشعب أن يختار ما يرتئي أنه الأصلح لحاضره ومستقبله بلا وصاية لأحد عليه".
وأود التركيز هنا على "إن ما يلزم من الإصلاح ويتعين إجراؤه في هذا الصدد موكول أيضاً الى إختيار الشعب العراقي بكل أطيافه وألوانه من أقصى البلد الى أقصاه، وليس لأي شخص أو مجموعة أو جهة بتوجه معين أو أي طرف إقليمي أو دولي أن يصادر إرادة العراقيين في ذلك ويفرض رأيه عليهم" -بأعتبار أن ذلك محور أساس في قوة وأنفاذ تلك الإرادة.
ومن هذا المحور -أيضاً- نحاول مقارنة إنطباق ما ورد فيه مع بعض القضايا -الآتية- لنرى مدى موافقة جميع ذلك لنصائح المرجعية الدينية وإرشاداتها لضمان سلوك تلك الإرادة الوجهة الصحيحة.
- الإحتجاجات الشعبية الحالية.
- إقرار قانون الإنتخابات الجديد.
- قرار إخراج القوات الأجنبية.
الإحتجاجات الشعبية:
في إطارها العام هي إحتجاجات ضد فساد القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة وفشلها في إدارة الدولة، ومعلوم أن تلك القوى ممثلة لجميع المكونات وأن إدارة الدولة هي محاصصة بين الجميع، لكن ولهدف معلوم ترمى القوى السياسية الشيعية -فقط- بالفساد والفشل، كما أن الإحتجاجات الشعبية إقتصرت على العاصمة ومحافظات الوسط والجنوب ذات الأغلبية الشيعية، وكأن الممسك بزمام السلطة هي القوى السياسية الشيعية وحدها، وأن الإحتجاجات والمطالب المرفوعة فيها هي شأن شيعي خاص وأن باقي المكونات بمنأى عنه.
إن الإطار العام للمشهد والموقف منه توحي بأهداف غير خفية لنزعات نأمل أن لاتكون إنفصالية.
إن المرجعية الدينية لم تغفل هذه الجوانب، حيث أشارت الى أن "الفساد المتفاقم يوماً بعد يوم، والخراب المستشري على جميع الأصعدة [كان] بتوافق القوى الحاكمة ـ من مختلف المكونات ـ على جعل الوطن مغانم يتقاسمونها فيما بينهم وتغاضي بعضهم عن فساد البعض الآخر، حتى بلغ الأمر حدوداً لا تطاق..".
وفي ضرورة مشاركة الجميع ذكرت أنه "لا شك في أنّ الحراك الشعبي إذا إتسع مداه وشمل مختلف الفئات يكون وسيلة فاعلة للضغط على من بيدهم السلطة لإفساح المجال لإجراء إصلاحات حقيقية في إدارة البلد..".
وكذلك أشارت الى "إنّ الإصلاح الحقيقي والتغيير المنشود في إدارة البلد ينبغي أن يتم بالطرق السلمية، وهو ممكن إذا تكاتف العراقيون ورصّوا صفوفهم في المطالبة بمطالب محددة في هذا الصدد.. ".
لم تكن أية خطوات عملية او حتى "نظرية" لتكاتف جميع العراقيين ورص صفوفهم، ولا أية مبادرة لإتساع الحراك الشعبي ليشمل كل الفئات.
اي لا إرادة جامعة شاملة لكل الأطياف والألوان في البلد من أقصاه الى أقصاه، وإذن هي ليست بالقوة المطلوبة للتأثير وإحداث التغيير الحقيقي والشامل.
فعلى عاتق من يقع التقصير في إتساع مدى الحراك الشعبي ليشمل مختلف الفئات؟
قانون الإنتخابات الجديد:
كنا نأمل سن قانون للإنتخابات يكون منصفاً وعادلاً ذكر المختصون بأنه يكون كذلك إذا :
-كانت الدوائر الإنتخابية متعددة.
-كان الترشيح فردي 100%.
-كان الفائز هو الحاصل على أعلى الأصوات.
وبعد أخذ ورد وشد وجذب أقر القانون ملبياً قسماً معتداً به من الطموحات، وحقاً أن الإقرار كان بالأغلبية إلا أنه لم يكن بإجماع وطني، ولم يكن معبراً عن إرادة الشعب من أقصى البلد الى أقصاه، هذا مع إعتبار أن نواب المجلس ممثلين عن الشعب.
لماذا لم يتنازل البعض ولو عن جزء من المصالح الذاتية في سبيل المصالح العامة؟
قرار إخراج القوات الأجنبية:
إن أمراً مثل إنسحاب القوات الأجنبية وما يتعلق بالسيادة العراقية يعد من المصالح العليا للشعب، ولابد فيه من الإجماع الوطني بقرار موحد بتوافق جميع المكونات.
لذا فإن إنفراد النواب الشيعة في قرار خروج القوات الأجنبية وتحمل المسؤولية وربما التضحية من أجل الآخرين قد يكون خطوة لاتعبر عن إرادة الجميع، إذ إن بعض الأطراف عبرت وبصراحة عن رغبتها ببقاء القوات الأجنبية بذريعة الحماية من إرهاب "داعش" وكأن تلك القوات هي من حررت تلك المناطق وتساهم في حمايتها.
إن إنفراد النواب الشيعة او إفرادهم بعدم حضور بقية الشركاء لتلك الجلسة، قد يكون لغاية ما او محاولة لعصب الأمر برأس الغير خوفاً من عقوبات او طمعاً في إمتيازات.
وأعتقد أن المفترض بالنواب الشيعة أن يبذلوا الوسع في التفاوض او إقناع الشركاء للخروج بقرار موحد.
"انّ التعامل بأسلوب المغالبة من قبل الأطراف المختلفة التي يملك كل منها جانباً من القوة والنفوذ والإمكانات ومحاولة كل منهم فرض رؤيته على الباقين سيؤدي الى إستحكام الأزمة وإستعصائها على الحل، وبالتالي ربما يخرج الجميع منها خاسرين، وتكون الخسارة الأكبر من نصيب البلد وعامة الناس الذين ليس لهم دخل في الصراعات الداخلية والخارجية الجارية ولا يعنيهم أمرها بمقدار ما يهمهم أمن بلدهم وإستقراره والمحافظة على إستقلاله وسيادته وتوفير حياة حرة كريمة لهم ولأولادهم".
وأعتقد إن مما يؤيد ضرورة الإجماع الوطني والخروج بقرار موحد هو ماجاء في جواب مكتب السيد المرجع في 2008/11/18 لسؤال حول الإتفاقية الأمنية:
بسمه تعالى
إن ما أبلغ به سماحة السيد -دام ظله- مختلف القيادات السياسية.. [حينذاك] هو ضرورة أن يبنى ايّ اتفاق يستهدف إنهاء الوجود الأجنبي في العراق وإخراج البلد من تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة على أساس أمرين:
اولاً: رعاية المصالح العليا للشعب العراقي في حاضره ومستقبله، وتتمثل بالدرجة الأساس في إستعادة سيادته الكاملة وتحقيق أمنه وإستقراره.
وثانياً: حصول التوافق الوطني عليه، بأن ينال تأييد مختلف مكوّنات الشعب العراقي وقواه السياسية الرئيسة.
وقد أكد سماحته على إن اي إتفاق لا يلبّي هذين الأمرين وينتقص من سيادة العراق سياسياً او أمنياً او إقتصادياً، او إنه لا يحظى بالتوافق الوطني فهو مما لا يمكن القبول به، وسيكون سبباً في مزيد معاناة العراقيين والفرقة والإختلاف بينهم.
وشدد سماحته أيضاً على أن ممثلي الشعب العراقي في مجلس النواب يتحملون مسؤولية كبرى في هذا المجال، وعلى كل واحد منهم ان يكون في مستوى هذه المسؤولية التاريخية أمام الله تعالى وأمام الشعب فيتصدى لإبداء رأيه في هذا الموضوع المهم واضحاً جلياً ووفق ما يمليه عليه دينه وضميره بعيداً عن اي اعتبار آخر، والله الموفق".
وبدون إجماع وطني فالأمر لا يضمن المصلحة العليا للشعب العراقي، ومن الممكن والوارد جداً أن تنعزل المكونات الأخرى بأقاليمها لتحظى بالإمتيازات، ولترزح محافظات أخرى تحت طائلة العقوبات والتدخلات الخارجية، وهو أمر جرت عليه السيرة الأمريكية في تعاملها مع الشيعة ومثاله تحديد المناطق الآمنة بخطوط العرض عام 1991 وتطبيقه على مناطق دون آخرى.
ولا يعني هذا أن المصلحة العليا تقتضي الحرص على تلك الإمتيازات او الخوف من تلك العقوبات بقدر ما تقتضي الحفاظ على وحدة البلد وسيادته الوطنية ومستقبل أبنائه.
"إنّ المرجعية الدينية تؤكد موقفها المبدئي من ضرورة إحترام سيادة العراق وإستقلال قراره السياسي ووحدته أرضاً وشعباً، ورفضها القاطع لما يمسّ هذه الثوابت الوطنية من أي طرف كان وتحت أي ذريعة، وللمواطنين كامل الحرية في التعبير ـ بالطرق السلمية ـ عن توجهاتهم بهذا الشأن والمطالبة بما يجدونه ضرورياً لصيانة السيادة الوطنية بعيداً عن الإملاءات الخارجية".
إذن ما العمل مع واقع يفرض إرادات متناقضة؟!
"انّ التعامل بأسلوب المغالبة من قبل الأطراف المختلفة... سيؤدي الى إستحكام الأزمة وإستعصائها على الحل، وبالتالي ربما يخرج الجميع منها خاسرين، وتكون الخسارة الأكبر من نصيب البلد وعامة الناس..".
إن هي إلا محنة..
و"في أوقات المحن والشدائد تمسّ الحاجة الى التعاون والتكاتف، ولا يتحقق ذلك الاّ مع إستعداد جميع الأطراف للتخلي ولو عن جزء من مصالحهم الذاتية وترجيح المصالح العامة عليها".
وأنى لتلك الأطراف هذا الإستعداد..
فإن لم يكن لهم دين ولم يتخلوا ولو عن جزء من مصالحهم الذاتية فلا أقل من "أن يفكروا ملياً فيما يمكن أن تؤول اليه الأوضاع اذا لم يتم وضع حد لها بسبب الإصرار على بعض المواقف ورفض التزحزح عنها، انّ من المتوقع أن يؤدّي ذلك الى تفاقم المشاكل في مختلف جوانبها الأمنية والسياسية والاقتصادية والإجتماعية، وأن يفسح المجال للآخرين بمزيد من التدخل في شؤون البلد وإنتهاز الفرصة لتحقيق مطامعهم فيه".
وأنى لهم بذلك فقد يكونون جزءً مما يراد أن تؤول اليه الأمور.
هل الى خروج من سبيل؟
"انّ شعور الجميع بالمسؤولية الوطنية وترجمة هذا الشعور الى مواقف مؤثرة في وضع حل للأزمة الحالية بالإستجابة لمتطلبات الإصلاح وفق الخارطة التي تكرر الحديث بشأنها يشكّل المخرج الصحيح من هذه الأزمة لو أريد أنهاؤها بنتيجة مقبولة، بعد كل التضحيات الجسيمة التي قدمها أبناء هذا البلد في مختلف الجبهات والساحات".
إذن لا زال الأمل معقوداً فالمخرج الصحيح هو العمل وفق الخارطة التي تكرر الحديث عنها:
"وعلى ذلك فإنّ أقرب الطرق وأسلمها للخروج من الأزمة الراهنة وتفادي الذهاب الى المجهول أو الفوضى أو الإقتتال الداخلي ـ لا سمح الله ـ هو الرجوع الى الشعب بإجراء إنتخابات مبكرة..".
ومقدمة لذلك لابد من تشكيل الحكومة الذي "قد تأخر طويلاً عن المدة المحددة لها دستورياً، فمن الضروري أن يتعاون مختلف الأطراف المعنية لإنهاء هذا الملف وفق الأسس التي أشير اليها من قبل، فانّه خطوة مهمة في طريق حلّ الأزمة الراهنة".
وإذن وبعد المعهود من تسويف القوى السياسية ومماطلتها فلم يبق "أمام الشعب إلا تطوير أساليبه الإحتجاجية السلمية لفرض إرادته على المسؤولين مدعوما من كل القوى الخيرة في البلد".
لكن رغم كل الإحتجاجات وما قدمه الشعب من تضحيات، لم تبد القوى السياسية إستجابة ملموسة وحقيقية لمطالب الشعب، فهل من وسيلة فاعلة لحمل تلك القوى على الإستجابة؟
"لا شك في أنّ الحراك الشعبي اذا إتسع مداه وشمل مختلف الفئات يكون وسيلة فاعلة للضغط على من بيدهم السلطة لإفساح المجال لإجراء اصلاحات حقيقية في إدارة البلد.."
إن إتساع مدى الحراك الشعبي لايعني التصعيد -وإن كان مطلوبا في بعض المراحل- بل يعني شموله لجميع الفئات المختلفة ولا أظن أنها لاتعني جميع المكونات من أقصى البلد الى أقصاه وهو المحور الأساس الذي حاولنا التركيز عليه.
"إنّ المرجعية الدينية تدعو مرة أخرى جميع الفرقاء العراقيين الى أن يعوا حجم المخاطر التي تحيط بوطنهم في هذه المرحلة العصيبة وأن يجمعوا أمرهم على موقف موحد من القضايا الرئيسة والتحديات المصيرية التي يواجهها، مراعين في ذلك المصلحة العليا للشعب العراقي حاضراً ومستقبلاً ".
تظاهراتنا.. تنتظر موقفاً موحداً لجميع المكونات للمطالبة بـ:
-المصادقة على قانون الإنتخابات.
-الإسراع بتشكيل الحكومة.
- تحديد موعد الإنتخابات المبكرة.
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- زيدان يتحدث عن مسؤولية تاريخية تنتظر مجلس النواب: تعديل الدستور ضرورة يفرضها الواقع السياسي
- تظاهراتنا.. وبيان "الصمت" - ح2