خلیل الطیار
يسود الاعتقاد دائما لدى المواطن ان رجل الشرطة تنحصر مسؤوليته في بسط وحفظ الامن.. وهو الفهم السائد الذي يتلبس الذاكرة الجمعية للمواطنين
متناسين ان (الشرطة) تعد في مفهوم الدول المتحضرة والمتقدمة احد ابرز واجهات الدولة التي يتعامل معها المواطن مباشرة في حياته اليومية والتي تمثل اهم وحداتها الادارية، نهجا وسلوكا وتعبيرا عن ادبياتها التنفيذية
وهذا ما تسعى الى توظيفه الدول لعكسه لمجتمعاتها وتصر على اختيار منتسبي شرطتها بمستويات علمية متقدمة وتحرص على تدريبهم وادخالهم في دورات متعددة ابرزها مفاهيم في علم النفس التربوي وفن سلوك التعامل مع المواطن، اي مواطن كان سواء المواطن ابن البلد او المواطن الذي يمر زائرا وسائحا، لان (الشرطة) تعكس ثقافة وحضارة البلدان يتواجدون في منافذها الحدوية وفي مرافقها العامة وفي ابرز مؤسساتها.
المؤسف والمحزن ان غالبية منتسبي الشرطة عندنا بسبب تركة المفاهيم الخاطئة وقعنا في اشكالية ثقافة مغلوطة في اختياراتهم حتى شاع ان الذي لا يقرأ ولا يكتب او من حملة شهادة الابتدائية لا فرصة امامه للتعين الا في سلك الشرطة! وكان هذا الجهاز الحيوي والاساسي موقع لتجميع الاميين وذوي الشهادات الواطئة ناهيك على ان هامش فساد التعيينات الذي ساعد في ترسيخ هذا المفهوم السلبي، فالمسؤول او النائب نتيجة الضغوطات التي تواجهه من المعارف او المواطنين سيجد نفسه مضطرا لتلبية عشرات الطلبات من هذه الشريحة سيكون من السهل تلبيتها بتعيينهم بسلك الشرطة او الجيش!
الغريب ان هذا السلك الحيوي في منظور الدولةعندنا شهد تطورا عال المستوى في اختيار الضباط والمراتب من حملة الشهادات العليا صاروا يشكلون قاعدة معرفية وثقافية جيدة في وزارتي الدفاع والداخلية، الا ان هناك قصورا وتقصيرا ما زال واضحا في اختيار رجال الشرطة ؟ الذين يعانون في غالبيتهم قصورا معرفيا وثقافيا واضحيين يقع ضحية سلوكيات مخرجاتها الخاطئة المواطن.
والسؤال المهم الذي نتوجه به لذوي الشأن في الدولة وفي وزارة الداخلية تحديدا
متى نسمع او نقرأ اعلان فتح باب التطوع لسلك الشرطة من حملة شهادة الدبلوم والبكلوريوس ليكونوا هم النخبة من رجال الشرطة في السيطرات والمرافق العامة ؟
ومتى يحين الوقت لنغادر هذه المفاهيم الخاطئة ان شهادة الابتدائية او المتوسطة كافية لتعيين رجل الشرطة؟
ومتى يستوعب حملة الشهادات بان تعيبنهم بعنوان (شرطي) ليس اهانة لشهاداتهم التي تسعى دول العالم المتحضرة والمتقدمة عدم قبول افرادها الا من ذوي حملة شهادة البكلوريوس يدخلون في اكاديميات متخصصة للشرطة ويخضعون للدراسة والتدريب ليكونو مؤهلين للنزول الى الشارع بعد ان يتمكنوا من اجادة فن التعامل مع المواطن.
وكاحد ابرز العلاجات لامتصاص بطالة الخريجين، كم نحن بحاجة الى اطلاق تعيينات بعنوان رجل شرطة من حملة شهادة الدبلوم والبكلوريوس حصريا يتم تعيينهم بعنوان (شرطي) لنضخ للشارع رجال شرطة متعلمين يجيدون فن وثقافة التعامل مع المواطن ويعكسون صورة ايجابية عن الدولة لا سيما وان مرتباتهم على ما هي عليه تكاد تكون محترمة وجيدة قياسا لوظائف اخرى لا تتاح فرصة الحصول عليها من قبل الالاف الخريجين
العاطلين، ولنربح جيل من افراد الشرطة المتعلمين والمثقفين.