سالم مشكور
خلال اجتماعات الدورة الخمسين لمجلس وزراء الاعلام العرب تم اختيار العراق، من بين عدة مرشحين، لرئاسة المكتب التنفيذي للمجلس ومدته عامان، وسط إشادة كبيرة من الوفود العربية ومن قطّاع الاعلام والاتصالات في الجامعة العربية بالدور الفاعل الذي يلعبه العراق، ممثلاً بهيئة الاعلام والاتصالات، في تنشيط القطّاع خلال الأعوام الأخيرة. كل الوفود العربية كانت مرحبة بعودة العراق الى ممارسة دوره الريادي في المحافل العربية.
في الداخل العراقي طرح البعض تساؤلات حول مغزى مشاركة العراق في اجتماع وزراء الاعلام العرب وفوزه برئاسة المكتب التنفيذي فيما نظامنا السياسي الحالي يخلو من وزارة إعلام بعد الغائها عام ٢٠٠٣، وهي تساؤلات منطقية لمن لا يحيط بتفاصيل الأمور.
تتجه الدول، في إطار عملية التحديث الإداري والسياسي، الى الغاء وزارات مهمة بينها الاعلام والاتصالات والاستعاضة عنها بهيئات أو مجالس عليا لتنظيم هذه القطاعات الحيوية، بعدما توسعت ودخل فيها القطاع الخاص بشكل واسع، عبر سن قانون خاص بها يخرجها من البيروقراطية والروتين والقوانين والتعليمات وحالات الفساد، التي تكبّل الإدارة العامة لتكون أسرع انجازأً وأكثر قدرة على تنظيم عمل هذين القطاعين. هذا الامر نلاحظه في بريطانيا وأميركا وماليزيا والبوسنة، وعربياً نجده في المغرب ومصر التي أنشأت المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام والذي يشارك في اجتماعات وزراء الاعلام العرب كبديل عن وزارة الاعلام. العراق سبق باقي الدول العربية في هذا الامر إذ تأسست هيئة الاعلام والاتصالات عام ٢٠٠٤ لتكون بديلا عن وزارة الاعلام التي كانت تجمع بين أمرين: إدارة الاعلام الحكومي (ولم يكن غيره آنذاك) وتنظيم عمل وسائل الاعلام الأجنبية في العراق. بعد انتهاء دور الاعلام الحكومي الاحتكاري وقيام اعلام عام يملكه الشعب (وضع في إطار هيئة سميت شبكة الاعلام العراقي)، وفتح الساحة أمام الاعلام الخاص الذي بات يشكل غالبية الساحة الإعلامية فتأسست هيئة الاعلام والاتصالات لتقوم بعملية تنظيم عمل وسائل الاعلام وتمكينها من العمل بحرية مع الحفاظ على حقوق المتلقي وأمنه وقيمه.
في اجتماعات وزراء الاعلام العرب بات الخطاب الداخلي يستخدم العبارة التالية:"وزارات الاعلام والجهات التي تقوم بمهامها"، والدول التي ألغت وزارات الاعلام تشارك من خلال هيئاتها المعنية بتنظيم الاعلام، وبازدياد أعداد هذه الدول سيصار حتما الى تغيير العناوين والتسميات المستخدمة، وفقاً للواقع الجديد.