- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الإنشاد الحسيني يغزوه خطر المزاجية ..الجزء الاول
حسن كاظم الفتال
إن ما دون العلماء والمحدثون والأدباء والكتاب من أحاديث سواءٌ في الكتب أو المقالات بشكل عام أو بالمحاضرات عن النهضة الحسينية المباركة ما لا يعد ولا يحصى. ومما يزيدني شرفا أنا شخصياً أنني تشرفت بالمساهمة وكتبت الكثير عن هذا الموضوع أيضا في موارد ومجالات متعددة.
وقد تنوعت أساليب الكتابة وأنماطها وأشكالها وعناوينها ومما ارتبط من هذه العناوين بالقضية الحسينية العظيمة مسألة الإنشاد الحسيني الذي شغل حيزاً كبيرا في هذا المضمار.
وقد أصبح الإنشاد الحسيني ظاهرة من الظواهر الحسينية المباركة وشعيرة مهمة من الشعائر ومعلما من معالم الهوية الشيعية المشرفة ومعيارا من معايير الانتماء إلى المدرسة الحسينية العظيمة بل صار من أبرز وأهم المحاور أو المرتكزات التي ارتكزت عليها ديمومة شموخ المنبر الحسيني واستند عليها ليظل شامخا على مدى الأزمان ينمي عقول الأجيال ويرفدها بالوعي والمعرفة.ولا سبيل للتفصيل والشرح الآن.
وقد أدى الإنشاد الحسيني دوره الفاعل في جذب المجتمعات وإشعال جذوة الشوق فيها للتعاطي مع ما أفرزته مفاهيم القضية الحسينية والتعلقِ بمضامينها ثم التمسكِ بها.
والحديث عن الإنشاد والمنشدين (الرواديد) يتطلب منا وقتا طويلا ويستدعي إتيان شواهد ودلائل وبيانات. نرجئ ذلك الأمر إلى وقت آخر.ونقول:
منذ أن أبصرنا النور وجدنا أنفسنا أمام (التكية) مشاركين بالمسير في موكب العزاء الحسيني. وشاهدنا الكثير من الرواديد الرواد الكبار أصحاب الفطرة السليمة وعاصرنا الكثير منهم. رحم الله الماضين وحفظ الباقين.
لم يكن أحد من الرواديد يتخذ من عملية الإنشاد أو الرد مهنة. ومعظم القراء إن لم نقل كلهم كانوا من كبار السن وفي غاية النضوج الفكري والعمري. كان همهم أداءُ الخدمة الحسينية. الشاعر يعيش مأساة الإمام الحسين صلوات الله عليه ويتفاعل بل يذوب مع أحداثها ويصورها ويجسد المواقف ويترجمها إلى قوافٍ. ويسلمها إلى الرادود ليذوب بدوره في قراءة القصيدة الحسينية ويتفاعل مع لبها ومقاصدها وحين يجهش بالبكاء يحصل ذلك بكل صدق وإخلاص وبتلقائية حقيقية لا بتصنع ولا رياء. لم تكن حينها الساحةُ مفتوحة أبوابها على مصاريعها. ليقتحمها كل راغبٍ للاقتحام. ثمة ضوابط ومعايير وُجِدَت لارتقاء المنبر وهذه الضوابط والمعايير يفرضها الواقع ويطبقها المجتمع الحسيني.
الرادود يحسن التعامل مع الناس ومع القضية ومع الواقع بكل تواضع لا يعرف الغرور طريقا له. ودون استخدام مواد وأدوات تجميل. والشاعر مفعم بالوقار وكذلك الرادود هو الآخر.
يقام المجلس ويحييه الرادود ولا يمكن أن يبدأ قراءته في مجلس العزاء إلا بقصيدة الجلوس (الگعده). حيث أن قصيدة (الگعده) ينطوي جوهرها على الكثير من الشروحات والتفاصيل ومنها ما كان يُطلِقُ عليها الرواديد تسمية (قصيدة شجاعة) أي تصور وتجسد مواقف الشجاعة سواء للإمام الحسين أو الأئمة الأطهار صلوات الله عليهم أجمعين فضلا عن أنها تدون وتبين معلومات كثيرة عن القضية الحسينية يكتسبها المتلقي من عمق جوهر مفاهيمها وما تحمل من قيم ومبادئ ومثل سامية.
من هنا برزت ضرورة الدعوة لإبقاء استمرارية قصيدة الجلوس (الگعده) وعدم تجاهلها.
إلى اللقاء في الجزء الثاني
أقرأ ايضاً
- مواجهة الخطر قبل وصوله
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- تكامل ادوار النهضة الحسينية