بقلم: مازن الزيدي
تابعت بالامس وقائع مؤتمر اقامته هيئة الاعلام والاتصالات مخصص لتطوير قطاعي الاتصالات والمعلوماتية في العراق. كان العرض الذي قدمه رئيس الجهاز التنفيذي للهيأة علي الخويلدي متفائلاً جدا، وجاء مليئاً بالوعود والاحلام الوردية.
كان المسؤول يتحدث بحماس منقطع النظير عن الجيل الرابع للنقال، والحكومة الالكترونية، والمدن الذكية والعديد من المشاريع... يتحدث عن مشاريع تجاوزها العالم من حولنا.
فبعد ١٥ عاماً من دخول الهاتف النقال الى العراق، و٣ سنوات على اطلاق الرخصة الثالثة، التي دخلت حيز الاستخدام عام ٢٠٠٢؛ تتفطن هيئة الاتصالات فجأة لاعلان عزمها اطلاق الرخصة الرابعة التي دخلت حيز الاستخدام عالميا منذ ٢٠١٢. اي بتأخير أمده ٧ سنوات عن العالم.
طبعا لم يتطرق المسؤول لكيفية منح هذه الرخصة، وهل ستكون الاولوية للشركات الثلاث المحتكرة لخدمة الهاتف النقال؛ التي تعتبر الاسوء والاغلى على مستوى المنطقة والعالم. وما هو دور الدولة العراقية ممثلة بوزارة الاتصالات التي سبق وان اعلنت حقها باطلاق الرخصة.
لكن الاغرب من كل الحديث العام هو تأكيد الخويلدي على ان منح تردد الجيل الرابع للهاتف النقال "سيساعد على تحديث الاتصال دون العودة الى منح ترخيص للجيل الخامس". بمعنى ان هيئة الاتصالات عبر كلام مسؤولها؛ تبشر المستهلك العراقي بتكرار تجربة الجيل الثالث التي هي في الحقيقة خدمة بائسة تكتشف خدعتها وزيفها بمجرد ابتعادك عن مركز بغداد وبعض المحافظات. فقد تركت الهيئة المواطن العراقي تحت رحمة المحتكرات الثلاث التي تناوبت على استنزاف امواله طيلة الاعوام الماضية من دون حسيب او رقيب.
اليوم تحتفل هيئة الاتصالات بوعودها في الوقت الذي شاركت بشكل وبآخر في انقراض الهاتف النقال ومنعت عودته مرة اخرى لابقاء شركات النقال الاحتكارية مطلقة اليد. وشاركت في عرقلة مساعي وزارة الاتصالات كسر احتكار قطاع النقال بدخول الدولة كمشغل وطني في هذه السوق النامية والمربحة.
للاسف فان التجربة اثبتت ان هيئة الاتصالات اصبحت جهة تمثل مصالح الشركات المحتكرة للنقال وليس المستهلك العراقي المغلوب على امره بتواطؤ جهات حكومية ورقابية.
فالاستجواب الذي تعرضت له الهيئة من قبل النائبة حنان الفتلاوي عام ٢٠١٧، كشف الكثير من الخروقات المالية والفنية التي تعزز عدم الثقة باعلى هيئة مختصة بتنظيم النقال.
فلم تقدم الهيئة ورئيسها السابق اجابات مقنعة للنائبة المستجوبة عن التراخي في تسديد الشركات لقيمة العقود، وتلكؤها بجباية الرسوم، والتقصير في تشكيل لجان لحساب الارباح، وغض الطرف عن طرح بعض الشركات الآلاف من "السيم كارت" غير المرخصة بالاسواق المحلية، فضلا عن التلاعب بالتسعيرة عبر التحول من احتساب الدقيقة الى الثانية. واكتفي البرلمان عن كل هذه الخروقات التي تم كشفها خلال الاستحواب، بقبول استقالة المسؤول المستجوب بدلاً عن اقالته ومساءلته. والنتيجة ضياع حق المواطن، واستمرار نزيف ثرواته.
للاسف فإن الفساد وسوء الادارة يضعنا وسط جلبة كبيرة بشأن تكنولوجيا الجيل الرابع، الذي نجهل تاريخ اطلاقه حتى. يتزامن ذلك مع الحرب الضارية بين الولايات المتحدة مع الصين حول الجيل الخامس الذي تحتكر تشغيله شركة هواووي، التي باتت تتقدم على شركة اپل في مبيعات الهواتف الذكية.
فقد اصدرت ادارة ترامب قراراً يحظر بيع الرقائق الذكية للشركة الصينية واعتقال ابنة مؤسسها، بدعوى بيع هذه التكنولوجيا لجهات معادية لامريكا.
وفيما كانت هيئة الاعلام والاتصالات ورئيسها يضعان اللمسات الاخيرة على المؤتمر الذي عقد يوم امس الاثنين، فقد كانت قطر تسجل هواووي كشركة محلية لديها، وتضع في الوقت ذاته اللمسات الاخيرة مع عملاق الاتصالات الصيني لتشغيل الجيل الخامس الذي يفوق سابقه بعشرة اضعاف من حيث سرعة التحميل والوضوح.