سالم مشكور
لم يخفِ مرشح السيد البرزاني الى رئاسة الجمهورية الدكتور فؤاد حسين الدوافع الحقيقية لإصرار البرزاني على أخذ موقع الرئاسة هذه المرة من غريمه على الدوام حزب الاتحاد الوطني. قال بالحرف الواحد إننا "وصلنا الى قناعة بأنه لا يمكن أن نكون أقوياء في كردستان ما لم نكن أقوياء في بغداد".
فشل استفتاء الانفصال العام الماضي وما تبعه من خسارة السيطرة على المناطق المسماة بالمتنازع عليها، وتراجع نفوذ وقوة الحزب الديمقراطي في الإقليم، كانا - بالتأكيد- وراء هذه القناعة الجديدة. لكن القناعة لم تكن كافية لولا دعم ودفع لها من الجانب الأميركي الذي يحاول التعويض عن عدم تمكّنه -حتى الان- من التحكم بمسار تشكيل الكتلة الأكبر وتحديد هوية رئيس الوزراء. هكذا سيكون الجانب الإميركي سجل نقطة ضد إيران التي تدعم مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني، الأقرب لطهران بعد ضغوطها لإعادة الدكتور برهم صالح الى الاتحاد. هي تريد لحزب الاتحاد استعادة عافيته التي سقمتها الانشقاقات بدءاً من حركة التغيير وليس انتهاء بانشقاق برهم صالح وتأسيسه حزباً جديداً، لإعادة التوازن الى الساحة السياسية الكردية ومنع تفرّد الحزب الديمقراطي بها.
دروس المرحلة الماضية التي دفعت البرزاني للتطلع الى بغداد، ترجمت خروجا من اتفاق سابق بين الحزبين الكرديين الرئيسين قضى بترك الرئاسة الاتحادية الى الاتحاد الوطني مقابل بقاء النفوذ في أربيل، بدءاً من منصب رئيسه، بيد الديمقراطي. لكن التطلّع الى بغداد لن يكون مقابل ترك أربيل للاتحاد الوطني بل تعويضه في المواقع العليا في الحكومة الاتحادية. مرشح البرزاني للرئاسة يتحدث عن تقوية "مؤسسة الرئاسة" لممارسة صلاحيات دستورية يقول انها ظلت مسكوتاً عنها خلال السنوات الماضية، مما يعني أن السيد البرزاني سيكون صاحب نفوذ في أربيل وبغداد، خصوصاً إذا ما حصل على رئيس وزراء منسجم معه ومتجاوب مع تطلعاته في استعادة النفوذ الإداري والأمني والنفطي على المناطق "المتنازع عليها"، خصوصا كركوك، وهو ما كان أحد شروط التفاوض مع الكتل الأخرى.
نفوذ في بغداد لضمان استعادة النفوذ في كردستان وحواليها كاملاً، دون تراجع عن تطلعات الاستقلال من خلال استفتاء آخر تحدث السيد البارزاني عن إمكانية إجرائه في حال توفر "الظروف المناسبة" كما صرّح مؤخراً. هذه الظروف ربما تتوفر من خلال موقع رئاسة الجمهورية؟
أقرأ ايضاً
- من يُنعش بغداد ؟
- تركيا تحاور بغداد على احتلالها القادم
- هل تفكك زيارة أردوغان العقد المستعصية بين بغداد وأنقرة؟