جون سيدني ماكين الثالث (29 آب 1936 - 25 آب 2018) هو سيناتور أمريكي عن ولاية أريزونا ومرشح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2008، توفي بعد صراع مع المرض امس السبت.
ولد جون ماكين عام 1936 وهو ينحدر من عائلة شغلت مناصب رفيعة في البحرية الأميركية، لأن والده قائد عسكري كبير قاد القوات الأميركية في بعض فترات حرب فيتنام وجده قائد معروف. تلقى ماكين التعليم الثانوي في مدرسة داخلية تابعة للكنيسة الإسقفية الأمريكية، ثم واصل دراسته في أكاديمية البحرية الأمريكية في مدينة أنابوليس بولاية ميريلند، والتي تخرج منها أبوه وجده أيضا.
ولم يحصل ماكين على نجاح كبير في دراساته الأكاديمية إذ تخرج في المرتبة ال-894 من بين 899 طالباً، وتخرج ماكين من الأكاديمية البحرية الأمريكية في 1958.
وبعد تخرجه من الأكاديمية العسكرية في 1958، تجند ماكين وتعلم الطيران، في 1960 أخذ يعمل طيارا وكان مرابطا على متن حاملة طائرات أمريكية في البحر الكاريبي وفي الشرق الأوسط.
في 1967 تم إرساله إلى فيتنام، أيام حرب فيتنام، ليقود طائرات "إيه-4 سكاي هوك". عندما كان على متن حاملة طائرات في خليج تونكين.
نجا من الموت في كارثة أسفرت عن مقتل 134 جنديا آخر، ونجمت هذه الكارثة عن إطلاق صاروخ على طائرة ماكين أو الطائرة المجاورة له خطأ، مما أدى إلى سلسلة من الانفجارات وحريق على متن حاملات الطائرات.
تمكن ماكين من الخروج من طائرته وحاول مساعدة طيار آخر، ولكنه أصيب بجروح إثر أحد الانفجارات، حيث كانت إصابته طفيفة فعاد إلى الخدمة بعد شفائه.
وخلال سنوات وقوعه في الأسر تحول ماكين إلى بطل قومي، خاصة في ظل معاناته وبسبب أسرته العريقة المشهورة، لذا لم يتعجب كثيرون من أن تلقى سيرة ماكين الذاتية نجاحا كبيرا، وتساعده في حملته الانتخابية خلال العام 2000، حتى إن هوليود حولت سيرة ماكين الذاتية إلى أحد أفلامها.
وماكين معروف بمواقفه المحافظة دينيا والداعمة للتجارة الحرة وللحد من الإنفاق الحكومي والحد من برامج الرفاهية وهي جميعها مواقف جمهورية هامة، ولكنه في الوقت نفسه يحمل كثيرا من الأفكار المستقلة عن أبناء حزبه، كما يمتلك إصرارا وقدرة على معارضة الحزب وقيادة مشاريع سياسية ناجحة داخل مجلس الشيوخ ضد إرادة غالبية الجمهوريين.
كما عارض سوء إدارة الرئيس بوش ووزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رمسفيلد لحرب العراق في أكثر من مناسبة، وعارض معسكر جوانتانامو واستخدام القوات الأميركية للتعذيب في استجواب المعتقلين.
هذه المواقف أثارت حفيظة الجمهوريين ضده خاصة أنه يمتلك مصداقية كبيرة لدى الشعب الأميركي فيما يتعلق بهذه القضايا لكونه سجين حرب سابقا، وجرأته على معارضة الجمهوريين بخصوص قضايا كالتعذيب كانت بمثابة صفعات سياسية قوية لهم.
كما عرف ماكين بمواقفه الداعمة للحد من استخدام الأسلحة الصغيرة، ولمساندته تشريعات تسمح للمهاجرين غير الشرعيين بالحصول على الجنسية الأميركية بشروط كحل لمشكلة الهجرة غير الشرعية في أميركا، كما يطالب بجهود أميركية أكبر على ساحة حماية البيئة ومواجهة مخاطر الاحتباس الحراري، وهي جهود عارضتها إدارة بوش لفترة طويلة.
الخصائص السابقة جعلت ماكين أحد أشهر الساسة الأميركيين على الإطلاق وأكثرهم نفوذا، كما أكسبته احترام الكثير من الديمقراطيين والمستقلين، حتى يشاع أن ماكين كان اختيار السيناتور الديمقراطي جون كيري الأول نائبا له في انتخابات العام 2004 الرئاسية في مواجهة جورج بوش و ديك تشيني، ولما رفض ماكين عرض كيري تحول الأخير إلى جون إدواردز.
وفي تلك الفترة خرج ماكين للجماهير ليعلن مساندته لجورج دبليو بوش ولسياساته، ما رفع أسهم ماكين عالية في أوساط الحزب الجمهوري وأسهم أيضا في حشد الدعم خلف حملة جورج دبليو بوش الرئاسية 2004.
ماكين شارك مع السيناتور الليبرالي المعروف راسل فاينجولد في وضع وتمرير قوانين تحد من سيطرة المال على الانتخابات الأميركية في أوائل العام 2001، وهو تشريع أغضب قادة الحزب الجمهوري المعروف بأنه حزب الأثرياء.
وهذا يعني أن فوز ماكين بالرئاسة الأميركية سوف يعني وصول رئيس جمهوري يمتلك أجندة بها العديد من البنود الليبرالية التي تتعارض مع أجندة الحزب، وهو أمر أكسبه عداء غلاة المحافظين الذين ما زلوا يقفون ضده حتى الآن.
ومن أمثال أولئك ثلاثي الإعلام اليميني المحافظ المعروف شون هانيتي و آن كالتر و رش ليمبو، وهم من أشهر الكتاب والمذيعين الذين مازالوا يجاهرون برفض جون ماكين ممثلا لهم حتى يومنا هذا.
وأكثر من ذلك عرف ماكين بعلاقته العدائية وانتقاداته العلنية اللاذعة لبعض أكبر قيادات قوى اليمين المسيحي المتدين في الولايات المتحدة (البروتستانت التبشيريين) من أمثال القس الراحل جيري فالويل والقس بات روبتسون، حين وصفهم بعدم التسامح.
وإعلان جون مكين الرسمي ترشحه للرئاسة الأمريكية عام 2008 في بورتسموث.
ويقول البعض إن علاقة ماكين السلبية بقادة اليمين المسيحي المتدين الذي ارتمى بوش في أحضانه وتحدث إليه بلغته على أنه واحد منه كانت القشة التي قصمت ظهر البعير وأسهمت في فوز بوش وهزيمة ماكين في انتخابات العام 2000 بعد أن كان ماكين متقدما على بوش في أوائل الانتخابات بحكم أن الولايات التي شهدت انتخابات تمهيدية في بداية السباق الرئاسي كانت ليبرالية إلى حد ما وسمحت بتصويت الليبراليين والمستقلين لصالح ماكين.
ولكن مع مضي عجلة الانتخابات التمهيدية إلى الأمام ودخول الانتخابات مراحلها المتقدمة واحتكام الجمهوريين لولايات الوسط والجنوب التي تعرف أغلبية جمهورية أكثر تدينا ومحافظة مال البروتستانت التبشيريون لبوش فمالت كفته وفاز بالانتخابات وفشل ماكين وكان عمره في ذلك الوقت في أوائل الستينيات.
وحين اعلن عن الانتخابات الرئاسية بعد الرئيس جورج بوش الابن كان جون ماكين كمرشح جمهوري ضد الرئيس المنتخب من الحزب الديمقراطي باراك اوباما.
وفي الانتخابات الرئاسية الامريكية وقد تقدم على باراك اوباما بنسبة 47.6% صوت وكان حينها باراك اوباما44.8% صوت وبعد شهرين تقدم باراك اوباما على ماكين بنسبة 50.8 صوت وفاز باراك اوباما على جون ماكين وفاز بثلاث مناظرات ما قبل الرئاسة وظل جون ماكين كعضو في مجلس الشيوخ الأمريكي من 1987 حتى 2018.
كما كان من أشد معارضي الرئيس الحالي دونالد ترامب، بالرغم من أنهما الاثنين ينتميان إلى الحزب الجمهوري، وقد اوصى ماكين في ايار الماضي، أنه لا يريد أن يحضر ترامب جنازته، بحسبما أفادت وسائل إعلام أمريكية.
أقرأ ايضاً
- صراع دولي وشبهات فساد.. هل تفشل الاتفاقية العراقية الصينية؟
- المالكي يدفع باتجاه انتخابات مبكرة في العراق
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق