بقلم:محمد جواد الميالي
قبل أن نخوض في مظاهرات تموز التي طغت على ساحات المدن الشيعية في العراق، والتي خضعت لتيارات جارفة، أدت إلى تدهور الأوضاع السلمية لتحولها لأعمال شغب، أثرت على الممتلكات العامة، والخاسر الأكبر فيها كان الشعب، لذلك لنعد قليلا إلى دراسة الوضع المتقلب في عراق ما بعد الدكتاتورية.
كلمة غريبة أنتشرت في أفواه المواطنين، الديمقراطية التي شاعت بين الناس، وكلمات (حرية، إخاء، مساواة) كلما رددها شعبي كلما فشلوا أكثر وتقيدت حرياتهم أكثر، حيث تيقنا أن لا شيء يدعى ديمقراطية أو تحرر وما إلى ذلك، كل هذا كان وهم سخره الغرب ليكون طعماً لتشتيت الناس، وتكون عبارة عن قوة تكبح جماحهم، وهذه القوى روج لها الإعلام.
الفوضى العارمة هي التي تحني ظهر الشعوب، ليتيسر على الغرب ركوبها، فعمدت الأيادي الخفية من خلال منصات الإعلام المأجور، إلى أشاعة النقاش والجدالات حول الطائفية، وبدل أن نجد حل لأيقافها دخلنا في معمعتها، الذي يحول الأمور من سعي لمعرفة الحق إلى سعي للجدال نفسه، والجمهور الغر ينغمس دائما في هكذا نقاشات، بطريقة تعوق التقدم للوصول للرأي الصحيح، فكانوا أن اتفقوا على رأي أغلبية يكون رأيا مشبعاً بالجهل السياسي، وهذا هو تأثير العقل الجمعي الذي لعب عليه الغرب.
الأمان هو مفتاح سعادة كل الشعوب، ومن يتوقع أن العراق في الدكتاتورية أو الملكية الأقطاعية كان آمن، فهو مازال في وهم ديمقراطية ما بعد 2003، التدهور الأمني الذي حصل في الخمسة عشر سنة الماضية لم يكن شعبنا حديث عهد به، وإنما أخذ صدى واسع الإنتشار داخل نطاق مؤسسات الإعلام المرتزق، التي شابكتها خيوط العنكبوت الأرهابية، حتى تأكد اشتراك البعض في الأعمال الإرهابية التي كانت في عظمتها في الولاية الثانية لقائد الضرورة، لا نبرر هنا ضعف أجهزتها الأمنية، ولكن يمكن أن نصفها بطفل يحاول العبور لحضن أمه بين قطيع ذئاب، فمرض فقدان الأمن الذي أصاب العراق زاد من حدت تشتت الوحدة الوطنية.
الرياء والنفاق والمكر، وعلى رأسهم الفساد، صفات إن أرادت أن تكمن فيجب أن تجد معقل لها في بعض المتصدين للعمل السياسي، وعلى الشعب الأنتفاض للخلاص منهم، ولكن ما حدث كان غريب، حيث أن المجتمع العراقي تفشت فيه الرشوة والفساد حتى ذبلت أوراقه وتساقطت، فتكونت فكرة أن من يريد أن ينجز عمل ما في دائرة حكومية أو أهلية عليه أن يدفع الرشى، وهذا الأمر ساهم بشكل كبير على زعزعة عرش السيادة العراقية بأكثر مما يساهم ألد الخصام، حتى توسعت الفجوة بين الشعب نفسه، فالفساد هو الآفة الأكبر التي فتكت في عقول شعبنا.
ديمقراطية عرجاء، أعلام مأجور، تدهور أمني، فساد مدقع، كل هذا يمكن أي جهة من أن تستعبد دولة مثل العراق، فكلما زدت من كراهية الشعب في نفوس حكومته الغبية، ستقوم بإساءة إستغلال قوتها الغاشمة وتكسر كل قوانين الديمقراطية (التظاهرات مثال واضح) وكلما زدت من كراهية الحكومة في نفوس شعبها، سيبدأ في التمرد على القوانين التي وضعتها حتى يكسرها (التظاهرات مثال أيضاً).
نظراً لما سبق فالعراق على شفى حفره من الهواية، لأن ما يحدث سيؤل إلى كسر هيبة القانون، وتتخذ الدول المعادية لنا خطاً هجوميا، لأحداث ثورة تحطم بها القواعد والنظم القائمة وتلقي القوانين في أقرب قمامة، ونصبح تحت رداء حكومة دكتاتورية نصبها الشعب بمحض إرادته المسيرة، فهل سنخضع ونسير كما يريد البعض، أم سنجد حلً لهذا الوضع المرير؟
أقرأ ايضاً
- هل ماتت العروبه لديهم !!!
- هل يستحق المحكوم ظلما تعويضًا في القانون العراقي؟
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى