عباس الصباغ
تحت هامش استفحال المظاهر المسلحة في العراق خارج نطاق القانون سواء من قبل الفصائل المسلحة غير المنضبطة والتي شُكلت إبان الفوضى الخلاقة العارمة التي ضربت المشهد السياسي / السيوسولوجي العراقي بعد التغيير النيساني ، او من قبل الاهالي او النزاعات العشائرية، قد قنن الدستور العراقي الدائم هذه المسألة فحصر السلاح بيد الدولة والأجهزة التنفيذية فيها وحظر في الوقت نفسه وجود المليشيات والمظاهر المسلحة عامة بـ: [مادة (9):-. ب ـ يحظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج اطار القوات المسلحة.]ٍ ومن المعروف أن المليشيات وبحسب الويكبيديا هي تنظيم شبه عسكري يتكون عادة من مواطنين متطوعين تشكل عادة في مناطق التوتر أو في إطار الحروب الأهلية تنشأ وتنشط في فترة الضعف الدولتي وتكون اذرعا مسلحة لجماعات متطرفة متعددة في وقت تكون فيه سطوة الدولة عاجزة عن تنفيذ مهامها المطلوبة منها، وكانت فترة الاحتقان الطائفي ـ السياسي2006 ـ 2008 من أخصب الفترات التي ساعدت على ذلك، كما ساهمت جرعة الديمقراطية المفاجئة والحادة التي هبطت بعد 3003 وبعد عقود من الديكتاتوريات الشمولية في ترهل ضمور دور الدولة في تأدية واجباتها التنفيذية بسبب الفوضى ايضا، فضلا عن النكوص المفاهيمي الحاصل لدى البعض بالدعوة الى إيجاد بدائل عن الدولة في حالة غيابها او ضعفها.
وتتصف الفصائل المسلحة والمؤدلجة الخارجة عن القانون في العراق بمجموعة من الصفات يندر ان تتصف بها ميليشيات او فصائل في أي مكان آخر في العالم وهي تأخذ غرابتها من غرائبية المشهد العراقي ذاته، فهي رغم خارجيتها عن القانون وعن المألوف المجتمعي والسياق الاجتماعي والأعراف المتبعة ورغم قيامها بأعمال المليشيات من القيام بمظاهر مسلحة إلا ان القائمين عليها يرفضون تصنيفها ضمن المليشيات المسلحة بل هي بنظرهم تنظيمات شرعية وذات أهداف "مشروعة"، وتكمن خطورتها في قابليتها على زعزعة الامن الوطني والمجتمعي كونها في مواجهة مستمرة مع السلطات وهي حالة تجمع مابين مساوئ الحرب الأهلية ومابين التوتر وعدم الاستقرار لان المليشيات بسبب عدم مشروعيتها تكون في حالة تمرد دائم مع الدولة وعلى القوانين المرعية ومع المجتمع الاهلي ايضا.
ودواعي حصر السلاح بيد الدولة وحظر نشاط أي جهة ترفع السلاح لأي سبب سواء أ كان سياسيا ام شخصيا ام اهليا ذلك إن وجود السلاح غير القانوني يمثل خرقا لمشروعية الدولة واذرعها الضاربة، وشرخا اجتماعيا كبيرا، ويقف حائلا دون تحقيق مشروع الدولة المدنية من جهة، ومن جهة أخرى يزعزع السلم الأهلي ويشيع التوتر بين المكونات والشرائح المجتمعية ويكون ضد مبدأ قبول الآخر والتعاطي مع القضايا المستعصية بمبدأ الحوار وليس بالسلاح، وقبل كل شيء يجب مراعاة اننا نعيش في عصر الدولة المدنية وليس في عصر الديكتاتورية الباطشة او عصر الفوضى المجتمعية التي هي اقرب الى مناخ البداوة او شريعة الغاب وأن حيازة أنواع الأسلحة دون ضوابط، يشكل انتهاكا صارخا لمبادئ الأمن الوطني، ولحقوق الأنسان، ولكيان الدولة المدنية، ويشكل ايضا مساهمة فعالة في إضعاف سلطة الحكومة، وانتشار الفوضى ودعم الإرهاب، وبالضد لإسهامات الحكومة في حصر السلاح بيد الدولة ، كما انه يشكل تهديدا قائما للحياة المدنية، ويدخل في النزاعات والخلافات كأدوات خطيرة تنهي الحياة الإنسانية،.والقضاء على هذه الظاهرة يحتاج الى جهود كبيرة من قبل طرفي العقد الاجتماعي (الدولة + المواطن) ويتطّلب وعيا اجتماعيا يفضي الى ترسيخ مفهوم الدولة وضرورتها كقوة وحيدة لامناص عنها في مهام السيادة وحفظ السلم الاهلي واحترام هيبة الدولة وسلطاتها ويجب في مضمار حصر السلاح بيد الدولة تنظيم حالة الحمل والحيازة يضاف اليها مراقبة الاسواق التي تباع فيها الاسلحة بشكل عشوائي.
انتشار السلاح خارج مؤسسات الدولة يتناقض مع القوانين العراقية ومبادئ الدستور العراقي ويوفر فرصة ثمينة للعصابات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة ايضا لتنفيذ عملياتهم الإجرامية ضد أبناء الشعب ويضعف ثقة المواطن بهيبة الدولة ويعطل اية فرصة حقيقية لتامين جو آمن يساعد على جلب فرص الاستثمار ورؤوس الاموال مايؤمن الكثير من فرص العمل والقضاء على البطالة وازدهار حقيقي للاقتصاد العراقي المتخم بالتقشف.
أقرأ ايضاً
- وللبزاز مغزله في نسج حرير القوافي البارقات
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- وقفه مع التعداد السكاني