د. غالب الدعمي
لدى متابعة التصريحات المتباينة لمسؤولي وزارة الكهرباء واللجنة الاقتصادية في مجلس الوزراء نكتشف أن الحكومة لا تملك أي تصور عمّا يدور في هذه المؤسسة المهمة، والتي تربتط ارتباطاً مباشراً في حياة الناس، وأن ما يطرحه المسؤولون عبر وسائل الإعلام هو عملية تضليل كبرى للمواطنين ينفذها المسؤولون بإدارة الملف الإعلامي في الوزارة عن طريق تصريحاتهم التي تشير دائماً إلى تحسن في تجهيز الكهرباء بواسطة إضافة محطات توليدية جديدة، وفي الواقع أن الذي يحصل هو زيادة في ساعات القطع وانخفاض في ساعات التجهيز، ومن بين هذه التصريحات الغريبة تصريح وكيل وزير الكهرباء الذي قال:(نحن وضعنا خطة محكمة لمواجهة الصيف، إلا أن ارتفاع درجات الحرارة المفاجئ أجهض خطتنا)، وكأن صيفنا بارد تتساقط فيه الثلوج، وليس ترتفع فيه درجات الحرارة التي كانت في هذا الموسم أفضل من العام الماضي في اعتدالها، والتصريح الآخر لأحد السادة المسؤولين في الوزارة إذ قال: (إن درجات الحرارة في رمضان معتدلة ويمكن للمواطن تحملها من دون الحاجة للكهرباء)، وهذا التناقض في تصريحات مسؤولي وزارة الكهرباء يؤكد أنهم لا يعلمون بما يجري في وزارتهم وكأنهم في عالم آخر.
ومن بين التصريحات التي حركت فيَّ أوجاع وآلام لا حد لها ومعها يأس في حل مشكلة الكهرباء وربما استحالة تحقيق ذلك، هو تصريح لرئيس الوزراء الذي قال فيه: إن سبب هذه المشكلة هو خلل في الفلاتر التي لم تتحمل الظروف الجوية، لأنها كانت من مناشئ عالمية رديئة وغير مطابقة للمواصفات، وهنا تكمن المشكلة التي تكشف لنا أن الفساد هو السبب الرئيس، وأن الحكومة تعلم به ولم تتخذ اجراءاتها المناسبة لردعه، فلو أن وزارة الكهرباء استوردت فلاتر مطابقة للمواصفات العالمية، لما حدثت المشكلة ولتجاوزنا النقص الحاصل في إنتاج الطاقة الكهربائية، والمعلومة الأخرى هي أن سعر شراء هذه الفلاتر الرديئة كان ضعف سعرها المعروض في المناشئ العالمية الرصينة.
إن استمرار الحديث في شأن الكهرباء يحرك فينا آهات لا تنتهي لاسيما وأن دولة من محيطنا الإقليمي تمكنت من بناء ثلاث محطات عملاقة بالتعاون مع شركة سيمنس الألمانية في ظرف ثمانية عشر شهراً وبكلفة إجمالية تبلغ (ستة مليارات دولار) في حين أن كلفة مسبح الوزير وكبابه الذي أنفقه طيلة السنوات الماضية مع (كومشناتها) تساوي هذا المبلغ الذي تمكنت مصر في ظله من بناء ثلاث محطات عملاقة، وبهذا فإن الكهرباء الوطنية تحولت إلى (كباب عراقي) مثلما ستحولنا حرارة تموز إلى كباب بشري في ظل حكومة لا تصدق مع شعبها ولا تعرف كيف تحقق أهدافها إلا أنها نجحت فعلاً في بناء المجد الشخصي للأفراد والأحزاب.
أقرأ ايضاً
- ازمة الكهرباء تتواصل وحديث تصديرها يعود الى الواجهة
- الماء والكهرباء والوجه الكليح !
- وقفة مع وزارة الصحة