- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هل نعيش في عالم متعدد الأقطاب ام القطب الواحد ؟
بقلم | ماهر ضياء محيي الدين
الكثير كان يعتقد بعد الحرب العالمية الأولى إن الزعامة الأمريكية ستبقى مدى الدهر، لتكون سيدة العالم الأولى بدون منازع والأمل بعودة الآخرين إلى الواجهة والمواجهة أشبة بحلم سيكون مزعج لأمريكا ومن المستحيل إن تسمح بيه مهما كان الثمن لكن دوام الحال من المحال.
عالم القطب الواحد قام على نهج عنوانه الرئيسي القتل للشعوب تدمير مدنهم، إغراقهم في بحر من الفوضى والفتن، إضعافهم قدر ألإمكان مقابل تدعيم قوتهم وسطوتهم، حقوقهم ليست محال نقاش أو تفاوض، تفرض عليهم الضرائب والعقوبات ليصعب على الكثيرين صعوبة لقمة العيش، ليس لأحد حق الاعتراض على قراراتهم أو سياساتهم، حتى عادات وتقاليد الشعوب يجب إن تتغير وفق أكذوبة الديمقراطية التي هم من وضع أساسها من اجل فرض فكرهم تحت ذريعة الحرية وحقوق الإنسان ، لتبقى اغلب الأمم تعيش في وضع يرثى لها.
ظلت نظرية عالم القطب الواحد تحكم العالم لسنوات طويلة، لنشهد مرحلة عصيب على الكل وخصوصا الدولة العربية، التي ما زالت تدفع فاتورة هيمنة أمريكا عليها بالدماء والأموال، وخضوع اغلب حكام العرب لها، وشعوبنا هي الضحية في كل الأوقات.
مجريات الإحداث الملتهبة في سوريا هي من اثبت حقيقة إن زمن نظرية عالم القطب ملاحم انهياره تلوح في الأفق البعيد جدا وبقرائن كثيرة، وحتى قبلها قد تكون تجربة أمريكا في غزوها للعراق كانت البداية لبدء مرحلة تغيرت موازين القوى، لان فشلها في تحقيق أجندتها وأهدافها على المشهد العراقي يشهد له الجميع، والسبب سياسية الضرب تحت الحزم من قبل خصومها اليوم.
وكما قلنا الأزمة السورية رغم شدتها وطول مدتها التي أحرقت الأخضر واليابس، ليقف لها الدب الروسي ومن يقف ورائه وقفه الخصم العنيد، رغم محاولات أمريكا في كسب المعركة واستخدمها عدة أساليب وطرق، لكنها لم تكن كافيه لها في بلوغ هدفها، لتكون الولايات المتحدة اليوم تحت ضغط الخصوم، وعجزها بات واضح للعيان ومن راهن على إن أمريكا ستبقى متربعة على عرش العالم، ليثبت الروس للعالم بأسره إن رهانكم قام على حسابات غير دقيقة، ومن يريد إن يتأكد فما يجري في سوريا خير دليل على ذلك ووضعهم لا يحسد عليه وقد يكون القادم لها الأسوأ في تاريخها المعاصر.
معطيات هذا التحولات الكبيرة وانهيار إمبراطورية القتل والدمار بمعنى أصبحت اليوم ليس كما كانت في الماضي مركز قوة ونفوذ، أعطت المجال للكثيرين للعودة للساحة بعد غياب والسبب لأنهم ضحايا سطوة القطب الواحد، وفي وقتنا الحاضر تغيرت الأوضاع وقواعد اللعبة اليوم لا يوجد احد يتحكم بقوانينها، ليكون وجود عدة لاعبين غطاء للآخرين ومصدر قوة وحماية من اجل استعادة قوتهم وتكون لها مواقف أقوى من السابق.
دور جميع المنظمات الدولية في كل الأوقات يكاد لا يذكر، مع هذه التطورات كانت بمثابة طلقة الرحمة عليها، لان ما حاول إن يجعلها غطاء لها في تمرير سياسية الشيطانية، قد انكشفت مخططها واليوم لغة الأرض وما يجري عليها هي الصورة لما وصلت إليه الأمور ووجودها من عدمها ليس له أهمية.
هل نعيش اليوم عالم متعدد الأقطاب أو القطب الواحد، وبطبيعة الحال هذا التغيير الكبير لن يمر مرور الكرام ما لم تكن هناك تحديات وصراع حتى تتضح الصورة النهائية، لتكون كل الاحتمالات واردة والخيارات عديدة إمام الكل في تحديد شكل العالم الجديد او يبقى الحال كما هو، سؤال جوابه ستكشفه الأيام القادمة.
أقرأ ايضاً
- المجتهدون والعوام
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟