حجم النص
عباس عبد الرزاق الصباغ استيحاءً من شعار (قادمون يانينوى) الذي أطلقه وزير الدفاع السيد العبيدي حول الشروع بتحرير اغلب المناطق التي استولى عليها داعش ومنها الموصل المدينة العراقية ذات الدور والمكانة الجيوبولتيكية المؤثرة بعد ان اعلن وزير الدفاع عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين القوات الامنية الاتحادية والبيشمركة من اجل التنسيق وتبادل المعلومات في عملية تحرير مدينة الموصل من عصابات داعش الارهابية. وبغض النظر عن السيناريوهات التي طُرحت تفسيرا لهذه الواقعة الفريدة من نوعها وغير المسبوقة تاريخيا وهي سقوط مدينة كبيرة وستراتيجية (city) بحجم الموصل بما يشكل نكسة حزيران العراقية وهي ثاني واهم اكبر مدينة في العراق بيد عصابات مليشاوية مسلحة وليس بيد جيش نظامي تقوده دولة ورغم ان تلك السيناريوهات لم تخرج عن نطاق نظرية المؤامرة وتلفيقات المماحكات السياسية والافتراضات الكيدية فان جميع المؤشرات الحاصلة على الأرض الان تشير الى ان الموصل ستكون المفصل الأخير والاهم في سياق الحرب ضد داعش كما كانت الحلقة الأولى في هذا السياق وطي هذه الصفحة الدموية المؤلمة نهائيا من تاريخ العراق المعاصر وكانت بداية الانهيار النوعي والكوارثي الذي شهده المشهد الأمني في العراق(10 حزيران من العام الفائت) وما تبع هذا الانهيار من تداعيات أمنية وإنسانية متلاحقة ومروعة شكلت أقسى ملامح الانكسارات الأمنية الدموية وكانت سنة دامية في العام المنصرم تأتي في مقدمتها مجزرة قاعدة سبايكر التي لم يتم التوصل الى نتيجة معقولة لفك شيفرة الغاز هذه الجريمة ويمكن ان نطلق على العام 2014 المنصرم عام سقوط الموصل وعام مجزرة سبايكر ويأمل العراقيون كما وعدهم رئيس الوزراء د. العبادي بان يكون هذا العام عام تحرير ليس الموصل فقط بل كامل التراب الوطني من دنس عصابات داعش وطردهم خارج أسوار الوطن وهي مرحلة أولى تتبعها مراحل كون ان هذه العصابات وبما تمتلك من حواضن واذرع أخطبوطية إقليمية ودولية ومحلية تقدم لها الدعم المادي واللوجستي وغير ذلك من وسائل الإمداد والإسناد فان هذه العصابات لن تقف مكتوفة الأيدي وقد تكون الحرب التي يشنها داعش بعد التحرير (تحرير الموصل) اكثر عنفا وضراوة وتدميرا وبوسائل اكثر شراسة ووحشية. ونظرا للتوسع الداعشي في الشرق الأوسط واذرعه الأخطبوطية من حواضن ومنافذ للتعبئة وللتجنيد ومصادر التمويل فان الحرب على داعش نُظِّر لها ان تطول لسنوات او عقود او تتوسع لتشمل أراضي اخرى غير العراق الا ان الانتصارات التي حققها الجيش العراقي وقوات البيشمركَه وفصائل الحشد الشعبي غيرت من النظريات القاصرة التي بنيت على قناعات غير ناضجة ومشككة بقدرة القوات الأمنية العراقية على دحر التمدد الداعشي الذي يمثل ورما سرطانيا يجب اقتلاعه نهائيا ولاتكفي الانتصارات الجزئية والنوعية التي تحققها القوات الأمنية العراقية فانها أشبه بتحرير أجزاء معينة من دنس الدواعش وتركهم يعيثون فسادا وتدميرا وارهابا في مناطق اخرى كالموصل التي قضمها داعش في ليلة ليلاء وضمن سيناريو دراماتيكي مبهم ممكن ان يقدم إجابة ومنطقية تضع النقاط على الحروف... ويترتب على هذا انه لابد من حدوث معركة مفصلية تغير نتائجها مجرى الأحداث المتراتبة لصالح العراق وتعكس اتجاه البوصلة بالاتجاه الصحيح نحو العراق الجريح معركة من طراز معركة ستالينغراد الملحمية التي تعتبر نقطة تحول مفصلية في الحرب العالمية الثانية على الساحة الأوروبية وغيرت الكثير من خرائط الحرب ونتائجها وكما يستشف من تصريحات المسؤولين الأمنيين ان معركة تحرير الموصل باتت وشكية وان الاستعدادات التعبوية والتكتيكية واللوجستية جارية على قدم وساق لمعركة حتمية وفاصلة ومصيرية وتطهير الحلقة الأهم من حلقات مسلسل الاحتلال الداعشي للتراب الوطني العراقي ولسحب البساط من تحت طاولة هذا التنظيم الذي يتخذ من الموصل مرتكزا ستراتيجيا لعملياته العسكرية والارهابية التدميرية والانتقال الى مرحلة مابعد داعش من استحقاقات وطنية كثيرة منها إعادة أعمار تلك المناطق التي خربتها ممارسات داعش والتي شهدت عمليات عسكرية واسعة من قبل القوات الامنية العراقية او قوات التحالف الدولي وإعادة بناء مرتكزات البنى التحتية التي دمرت واعادة النازحين الى مدنهم والى حياتهم الطبيعية. كاتب واعلامي مستقل [email protected]
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي