حجم النص
بقلم:صالح الطائي ـ أهدى احد الباحثين كتابه إلى والده، وقال في الإهداء: "إلى أبي.. أنت كما أنت، لا أكثر ولا أقل.. يا للروعة" فأدركت انه اختصر الحقيقة كلها ببضع كلمات. هكذا الإبداع، يا لروعة العقل المبدع.! * * * ـ تختلف الفلسفتان "المثالية"؛ التي ترى أن العقل دون الحواس هو أصل المعرفة، و"التجريبية" التي ترى أن الحواس هي الأصل والعقل حصيلة المحسوس، في أصول مصدر المعرفة، ولكنهما تتفقان أن هنالك أصل قائم هو المرجع الذي يتم اللجوء إليه لمعرفة الصح من الخطأ، ومن ثم القبول أو الرفض. هذا الأصل هو فكرة في الرأس عند المثاليين، وواقعة خارجية تدركها الحواس عند التجريبيين. فبأي فلسفة يؤمن العراقيون الذين كانوا ولا زالوا وسيبقون يتقاتلون ولا يدرون لماذا.؟! وهل يحتمل أنهم بسبب كونهم لا يريدون أن يتفقوا على مرجع عقلي محسوس واحد يثقون بقدراته ونزاهته، لجأوا إلى العنف لحل مشاكلهم البسيطة؟! * * * ـ في جمهورية الهند هناك ثلاثة ملايين طائفة متفرعة عن الديانة الهندوسية وحدها، فضلا عن مئات الطوائف والأديان الأخرى. هذه الطوائف تعيش وتعمل وتتعامل؛ مع بعضها دونما حاجة إلى سيارة مفخخة، أو عبوة ناسفة، أو خنجر للذبح، أو قنوات للتهريج والتخريب والشحذ الطائفي، أو مناهج للتكفير، أو مليارات تفوح منها رائحة البترول للتآمر، ولا حتى إلى رؤساء قوائم انتخابية، وسياسيين متلونين.! أليس من العار علينا نحن العراقيين أن نعجز عن مجرد فهم العراقي الآخر لمجرد أننا نختلف معه في بعض قواعد مذهب تعبدنا، أو منهج سياستنا، أو جغرافية وجودنا؟! * * * ـ متى ما أدرك الإنسان الحقيقة؛ وصل إلى رتبة الخلاص. ولا يصل الإنسان إليها إلا إذا ما كان متفردا، متجردا، محايدا، منصفا، إذ ليس ثمة شك أن من يسعى خلف الحقيقة عليه أن يملك قلب مؤمن، وعقل عالم، وقوة مصارع، وتطلعات فارس، وأحلام عاشق، وحنان والدة، وعطف صوفي، وطيبة عصفور، وأخلاق رسول.! * * * ـ بالرغم من أن الوحدة اليابانية التي تحققت عام 1603 لم تتحقق إلا بعد معاناة كبيرة سببتها المعارك الدموية الشرسة بين جيوش الأقاليم اليابانية المختلفة، وبالرغم من أن اليابانيين كانوا ولا زالوا يتعبدون بديانتين رئيسيتين هما البوذية والشنتونية، فضلا عن أديان أخرى، إلا أنهم منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم لم ينجحوا في الحفاظ على هذه الوحدة وهذا التوازن الديني فحسب، بل نجحوا كذلك بالحفاظ على هويتهم الفريدة، وتحولوا إلى أمة تتربع على قمة هي الأعلى. * * * ـ ولدت الديانة البوذية في الهند، ثم هاجرت إلى الصين، وبعدها عبرت إلى كوريا، ومنها رحلت إلى اليابان. وهي في كل هذه المحطات والجغرافيات كانت تتلون بألوان ثقافة الشعوب التي اعتنقتها، ولم تبق متحجرة على صيغة واحدة، أو متمسكة بأصلها وجامدة عليه. ومع ذلك لا زالت تبدو من حيث الجوهر كديانة واحدة في كل هذه البلدان، بينما عجز العراقيون المسلمون عربا وأكرادا عن إيجاد مشترك واحد يمكن اتخاذه مرجعا لحل أبسط المشكلات التي ما إن تنشب إحداها حتى تتحول إلى تهديد بالحرب، حتى ولو كانت مجرد اختلاف أطفال على لعبة كانوا يلعبان ويلهون بها.!! * * * ـ لا داعي إلى الاهتمام الفاقع، فالعقل أجمل ميزان. ولا داعي إلى التهريج فالإنسان يمكن أن يسمع همس النسيم. كن على طبيعتك يفهمك الآخرون.