- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ديوان ال كمونة ارث تاريخي يؤول الى الزوال
حجم النص
بقلم:محمد معاش تنتشر في مدينة كربلاء القديمة العديد من المواقع التراثية التي تحاكي في أصالتها عمق المدينة الاجتماعي والتاريخي. ويعد مضيف وديوان آل كمونه المجاور لتل الزينبية مجاور الروضة الحسينية المطهرة احد ابرز المواقع التراثية، سيما ان جدرانه الحافلة بالكثير بالصور التذكارية القديمة، التي تؤرخ العديد من القصص ومناسبات المهمة للمدينة. علما في هذا الديوان تم تأسيس طرف المخيم، كان موكب طرف المخيم يسمى سابقاً موكب عزاء الشيخ نسبة الى الشيخ فخري كمونة المؤسس وكان ذلك في زمن مدحت باشا سنة 1888م والذي يقيم مجلسه السنوي في الليالي العشر الاولى من محرم وايام شهر رمضان المبارك. اتخذ أهالي كربلاء بمختلف شرائحهم من الديوان الذي تأسس منذ اكثر من مائة عام مقرا شبه رسمي للتداول في شؤون المدينة، لذا نجده حافلا بالكثير من المواقف والذكريات المهمة. ولا يزال حتى الان اغلب عشائر ووجهاء كربلاء يتخذون من الديوان مقرا لمداولة بعض الشؤون الاجتماعية وحل النزاعات العشائرية". علما ان ديوان كان له تأثيرا مهما في حل مشاكل المجتمع والنزاعات العشائرية و القضايا الاجتماعية وكان لهم دور كبير في قضايا السياسية الخاصة بمدينة كربلاء المقدسة. ساهم آل كمونة مساهمة كبيرة في الحفاظ على كربلاء والذود عن كرامتها وكرامة ساكنيها وزوارها في واقعت (نجيب باشا) التي ارختها كلمة (غدير دم) سنة 1258 وكان الدور البارز للشيخ مهدي كمونة وأخيه الشيخ محمد حسن وأولاد الشيخ محمد آل كمونة ولهم مواقف بطولية بالتفاوض مع قيادة الجيش العثماني وإنهاء النزاع وكان للشيخ محسن آل كمونة دور رئيسي بأخماد الفوضى التي حاولت اجتياح كربلاء من العصابات واهمها عصابة (علي هدلة) وقد لمع آل كمونة من خلال التصدي للجيش العثماني بقيادة (عاكف بيك) الذي حاول اجتياح المدينة وتخريبها حيث قام الشيخ محمد علي آل كمونة بقيادة المقاومة ضد الجيش العثماني ومنعوه من الدخول الى كربلاء والحقوا به هزيمة كبرى وبعدها تولى الشيخ محمد علي والشيخ فخر الدين اولاد الشيخ محسن كمونة ادارة المدينة بعد طرد العثمانيين منها، وللشيخ (فخر الدين كمونة) اهزوجة يناشد بها الامام الحسين (ع) يقول فيها: (يحسين جارك بحماك فخر الدين كمونة(. وهناك العشرات من الأسماء اللامعة في مجال الادب ممن انجبهم هذا الديوان شغلوا بشعرهم العالم كله. هذا بالإضافة الى من يفد الى هذا المكان التاريخي من الأدباء والشعراء من كافة المدن والقرى العراقية الاخرى وكذلك من بلدان العالم الاسلامي، وهم في ذلك يستلهمون صورهم الشعرية وأفكارهم وابداعاتهم من وحي النهضة الحسينية التي خطّت للأجيال طريق الكرامة والعزّة والحرية. لقد حاولوا اصحاب الديوان بأحياء هذه الدواوين من جديد من قبل اصحابها الاصلاء الطيبين نشهد احياء لهوية كربلاء المقدسة وكذلك لتقوية أواصر المحبة والتقارب وتلاقي الافكار والابداعات الى جوار مرقد أبي الاحرار الحسين بن علي (عليه السلام) ولا ننسى ان مدينة كربلاء محط أنظار العالم وبشكل يفوق مما كان عليه في السابق، ومن خلال هذه الدواوين الأدبية يظهر الجانب المشرق لها وبشكل جلي وتكون عنوانا للجيل الحاضر وللأجيال القادمة. و لكن داب الامر هدف إلى طرح إطار عملي هيكلي عمراني لتطوير مدينة كربلاء والنهوض والارتقاء بمستوى التخطيط العمراني بما يكفل تحقيق أعلى معدلات التنمية العمرانية بما يضمن المحافظة على ارث المدينة التاريخي والديني وتشخيص متطلبات التنمية الحالية والمستقبلية بدقة، وإرساء ثقافة في مجال التخطيط وطرح المبادئ والأطر الفعالة. و لكن هدم المباني التاريخية ليس موضوع بهين و لكن الحفاظ هو مبدأ أساسي لابد من وجوده فلابد من الحفاظ على الموروث الثقافي في المدن القديمة وطابعها المعماري والتخطيطي الفريد خصوصاً وأن هذا الموروث أصبح تراث إنساني ملك للإنسانية وليس لأهل المدينة أو الدولة بشكل خاص. إن البنايات التراثية في المدن التاريخية هي الأكثر بروزاً حيث يزخر العالم بالكثير من تلك المدن والمباني التاريخية, ولقد أضحى لزاماً العمل من اجل الحفاظ على هذا التراث الذي هو بالأساس يمثل الهوية التاريخية لكل أمة. إن الكثير من المدن والمباني التاريخية تعرضت للإهمال بسبب التوسعة و هذا هدما للتاريخ الكربلائي الذي ضحوا لأجله مواطنين حفاظا على قدسيته. عموما، يجب ملاحظة أن بعض الضغوط التوسعة هي نتاج التضارب بين المكان التاريخي وأنماط الحياة المعاصرة وازدياد الزوار للمدينة المقدسة ولكن ليس بمعنى ان يؤول الى الزوال.