- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
معارضة مذهب التشيع.. نافذة على التاريخ
بقلم: د. سعد محمود المسعودي
أن مذهب التشيع هو اطول معارضة شديدة وحقيقية على مر التاريخ ما بعد الأنبياء والمرسلين، واكثرهم مأساوية وظلم واجحاف وتهميش، بألاضافة إلى حيويتهم ونشاطهم، بين أيدينا متناول التاريخ ونصوصه التي تشير إلى جزء من بعض هذه المعارضة المشابهة، والتي تحولت الان إلى تسمية عظيمة يشار إليها بالبنان، يوجد من الأخبار أن سفر الميكابيين من بعد النبي موسى (عليه السلام)، كانوا فرقة من فرق اليهود المتدينة، كانت معارضتهم لحكام اليهود المنحرفين واسيادهم الرومان، وقاتلوهم سنين طويلة، قتلوا وتشردوا وحرموا الحياة الكريمة، قضت معظمها في الصحارى والوديان والكهوف، ولم يتركوا تاريخهم جزافاً، بل كتبوا أفكارهم الممتزجة بالقصص والمأسي التي حدثت لهم وبنوا تاريخهم، ولكنهم انتهوا وانقرضوا، تعد هذه الملحمة الكبرى هي نوع من أنواع التاريخ المماثل للمأساة التي عاشها مذهب التشيع عبر التاريخ الاسلامي الا أنهم استمروا بالعطاء اجيالا تلو اجيال تنقل هذا الفكر العظيم والتلذذ بتداوله لما له من باع طويل راسخ عقائديا وسيرة صحيحة بنيت على أسس وضع لبنتها رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
استطاع مذهب التشيع برجالاته أن يقف بوجه أعتى الحكومات واطغاها، ولم يتوانى عن قول الحق والوقوف بوجه السلطان الجائر، واليكم نافذة بسيطة تبين وقع الظلم والحرمان الذي وقع على كاهل هذا المذهب منذ النشأة الاولى.
أن أول قرارات الدولة القريشية والعثمانية بحق الشيعة أنه يحرم عليهم أن يكتبوا وجهة نظرهم، حتى لو كانت احاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كما ويحرم عليهم تفسير القران، ويحرم على الناس أن يقرؤوا كتبهم والاستماع لوجهة نظرهم، أو يفكروا بها أو يتداولها، ومن يكتب لهم أو يقرأ لهم أو يروح لهم، التصقت به التهمة الموجهة من السلطات، عدوا للصحابة وعدوا لله ورسوله، وخارج عن الإسلام ومهدور الدم، ويستباح عرضه وماله وأرضه للمسلمين، ومن لطف الله سبحانه أن خلافة قريش قد انتهت، بعد أن سيطر الاتراك على مقدرات الدولة وصار الحاكم عندهم موظف براتب شهري، وكان هذا نذير بإنهاء خلافتهم فعليا، ثم انتهت خلافة قريش حتى لم نر لها لفظا اسمياً بعد سيطرة الدولة العثمانية، وما لحقتها من تبعات على مدار اربع قرون من الزمن، ولم تزل تلك السياسة العامة للدولة متبعة بنفس النهج المقيت، بالظلم والعداوة ونصب المشانق بدم بارد، لم توقف هذه الأساليب عجلة الفكر الرصين عبر التاريخ واسترسلت أفكارهم بما دار ويدور حول المذهب، واستبسال علماء هذا المذهب الشريف بنشر ما يحلو لهم بأريحية رغم الموت الذي ينتظرهم، ومن يتعلق بهم فقد علق حبل مشنقته في غياهب المستقبل الذي لا يعرف ماذا يحيط به من أوجاع وقهر وحرمان، وتصل حتى لعيالهم، أن صفحات التاريخ المظلمة قد أرهقت من الدماء التي بذخت ظلما وعدوانا، ليس لشيء انما بغضاً بأبيك، وبعد التي والتيّا، انطوت صفحة من الظلم الحديث بأنتهاء عصر الدولة العثمانية على يد الغربيين، وصارت جميع سياسايتهم وقراراتهم شيء من التاريخ، ولكن ؟
بقيت تلك السياسة القديمة والحديثة عالقة باذهان الناس الذين يدينون بدينهم، كون النظرة المتبعة لرعيتهم، هي نظرة الركن المهم من أركان الاسلام الذي بنوه على اذواقهم ورغباتهم، وان اي شيء يعارض الحكام القريشيين والعثمانيين يعد مخالفة للدين وأحكامه، ويعتبر خيانة لشريعة الاسلام ؟
أن انتقاد مذهب التشيع للسياسيات كانت معارضة تنم عن مدى احقيتهم بحقوق قد اغتصبت عبر التاريخ الاسلامي، ولم يلتزم بها من مسك دفة الحكم، ولم يرعى بذلك حرمة لدمائهم، حبست أفكارهم وقيدت رجالاتهم وابيحت أموالهم، على رأي السلطان !!؟؟!!
تركت هذه السياسة الدخيلة على الإسلام مذاهب متعددة قد تزامنت مع عصر النهوض الفكري واستبدلت بعصر التعصب والتعنت والتهميش وفرض الإرادة الشعبية على من يعارض قواعد الحكم لمن تسنموا هذه المناصب عبر نافذة التاريخ المزعج، ولم تزال تلك الرواسب تتفرع بفتاوى ضلال وقتل وتنكيل وظلم بلا حرمة الدماء، وبطبيعة الحال أن لمذهب التشيع صفة تختلف عن جميع مذاهب المسلمين، كلما اشتد عليهم الظلم والطغيان كلما زاد عطائهم وشجاعتهم ومواقفهم بالمواجهة الحقيقة له، ومع كل هذه العوامل بقي مذهب التشيع ذات الأصول العريقة والجذور الثابتة والمتصلة من الأرض إلى السماء، رجالهم خالدون وتراثهم بهي وتاريخهم مشرق، واي حكومة تسنمها الشيعة كانت مثالا يحتذى به بين الأمم، وتقول الأخبار أن عصر النهوض الفكري والتطور العلمي والمعرفي في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والأمنية والسياسية على حد سواء، حين تسنم الشيعة بصورة عامة الحكومات المتقلبة على صفحات التاريخ، على الرغم من قلتها الا أنها تركت أثرا بليغا تناولته الأجيال إلى هذه اللحظة.
اللهم إنا نشكو اليك فقد نبينا وغيبة ولينا وتظاهر الزمان علينا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.
أقرأ ايضاً
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد
- دلالات العدوان الصهيوني على لبنان
- البكاء على الحسين / الجزء الأخير