حسم الإطار التنسيقي موقفه بشأن انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، بعد أن كان “منسجما” مع حزب “تقدم” بزعامة رئيس المجلس السابق محمد الحلبوسي، بعدم فتح باب الترشيح أمام الراغبين بالترشح لهذا المنصب، إلا أنه اشترط أن يكون البديل هو سالم العيساوي، المنتمي لتحالف “السيادة” بزعامة خميس الخنجر “الغريم التقليدي” للحلبوسي، مما يعقد المعادلات السياسية في جلسة انتخاب الرئيس الجديد، في ظل تمسك “تقدم” بالمنصب حتى اللحظة وتأكيده على مقاطعة جلسة الانتخاب.
ويقول القيادي في الإطار التنسيقي علي الزبيدي، إن “قوى الإطار اتفقت على عدم فتح باب الترشيح مجددا لمنصب رئاسة البرلمان، وعدم تعديل النظام الداخلي للمجلس من أجل ذلك والمضي بالتصويت على من تبقى من المرشحين خلال اليومين المقبلين أو بداية الأسبوع المقبل كحد أقصى”.
ويضيف الزبيدي، أنه “بعد انسحاب شعلان الكريم من المنافسة على رئاسة مجلس النواب، أصبح الأمر محسوما لصالح مرشح القوى السياسية السنية (العزم، السيادة، الحسم) سالم العيساوي، فالأغلبية البرلمانية ستكون داعمة له من الإطار وكذلك القوى الكردية وحتى النواب المستقلين الآخرين”.
ويشير إلى أن “الحوار مع حزب تقدم مستمر من أجل أن يكون شريكا في دعم العيساوي كون هذا المنصب يمثل المكون السني ولا يمثل جهة سياسية واحدة، ونحن في الإطار عملنا طيلة الأشهر الماضية على توحيد وجهات نظر القوى السنية، لكن لا نستطيع الاستمرار بتعطيل حسم هذا الملف كونه أثر بشكل كبير على الأداء البرلماني وفاقم الخلافات السياسية”.
وكان الإطار التنسيقي قد عقد ليلة أمس الاثنين، اجتماعا لحسم ملف انتخاب رئيس مجلس النواب، وقرر فيه عدم فتح باب الترشيح مرة أخرى بتاتا، والذهاب إلى الجولة الثانية لانتخاب رئيس مجلس النواب قبل نهاية الفصل التشريعي، ومنح أصوات كتله لصالح المرشح سالم العيساوي ليكون رئيسا لمجلس النواب.
كما أن مجلس النواب، صوّت يوم السبت الماضي، على إضافة فقرة على جدول أعماله (انتخاب رئيس مجلس النواب)، لكن لم تشهد تطبيقا ورفعت الجلسة دون التصويت على الرئيس.
وردت المحكمة الاتحادية العليا، في 1 نيسان الجاري، دعوى إلغاء جلسة البرلمان التي كانت مخصصة لانتخاب رئيس جديد للمجلس “لعدم الاختصاص”، جاء ذلك بعد مرور شهر على ردها دعوى ترشيح مرشح “تقدم” شعلان الكريم لمنصب رئيس مجلس النواب للسبب ذاته، فيما أرجأت النظر بدعوى إلغاء عضوية النائب شعلان الكريم، إلى 29 من الشهر الجاري.
من جهته، يشير القيادي في حزب تقدم محمد العلوي، أن “الحزب ما زال متمسكا بمنصب رئيس مجلس النواب، فهذا استحقاق لنا انتخابيا وسياسيا لأننا نمتلك أغلبية مقاعد نواب المكون السني، وعلى هذا الأساس كان المنصب لنا وصوت لنا في البداية التيار الصدري ثم الإطار التنسيقي وحلفاءه من الكرد والسنة على تجديد الثقة للحلبوسي بعد انسحاب الصدريين”.
ويبين أنه “لا يمكن الالتفاف على الاتفاقات السياسية، فهذا الأمر سوف يخلق مشاكل سياسية، وتلويح زعيم حزب (تقدم) محمد الحلبوسي بالانسحاب أو اتخاذ مواقف سياسية، هو أمر حقيقي وليس للتهديد السياسي، فلا يمكن التنازل عن هذا الاتفاق وضرب الاتفاقات السياسية عرض الحائط”.
ويشدد العلوي على أن “بكل تأكيد سنكون مقاطعون لأي جلسة انتخاب تسعى بعض الأطراف السياسية لتمرير شخصيات من خارج (تقدم) لعقدها وأكيد أننا نملك حلفاء داخل القوى الشيعية وكذلك الكردية وسيكونون من المقاطعين معنا لمنع تمرير أي شخص من خارج (تقدم)، والسعي لسياسة فرض الأمر الواقع سوف تعمق الخلافات السياسية بشكل كبير وخطير”.
ويعدّ منصب رئيس مجلس النواب من حصة السنة وفقا للعرف السياسي الدارج في العراق منذ تشكيل النظام السياسي بعد العام 2003، في حين يذهب منصبا رئيس الوزراء للشيعة، ورئيس الجمهورية للكرد.
وأخفق البرلمان في أربع محاولات لانتخاب بديل للحلبوسي بسبب عدم التوافق على مرشح واحد، في ظل التشظي السني وإصرار الإطار التنسيقي على ترشيح شخصيات جديدة أو الإبقاء على محسن المندلاوي، النائب الأول لرئيس البرلمان رئيسا بالوكالة.
إلى ذلك، يوضح الباحث في الشأن السياسي كاظم الحاج، أن “الوضع السياسي العام يتجه نحو حسم انتخاب رئيس البرلمان خلال الأيام القليلة المقبلة وكل المعطيات تؤكد أن سالم العيساوي سيكون رئيس البرلمان الجديد، وهناك دعم سياسي وتبني شبه رسمي له من جميع الأطراف السياسية السنية”.
ويبين الحاج، أن “رئاسة مجلس النواب استحقاق للمكون السني وليس استحقاقا لجهة سياسية واحدة، والتحالف الثلاثي السني (العزم، السيادة، الحسم) قدم مرشحه بشكل رسمي للإطار مقابل مرشح حزب (تقدم) الذي انسحب مؤخرا ولهذا ليس هناك إمكانية لإضافة مرشح جديد، ولهذا أصبح (تقدم) خارج المنافسة وفق التوجهات السياسية والقانونية”.
ويلفت إلى أن “انتخاب سالم العيساوي لرئاسة مجلس النواب، لن يؤثر على الاستقرار السياسي وكذلك الحكومي، ولا نعتقد أن هناك جدية حقيقية بانسحاب (تقدم) من الحكومة أو البرلمان، فهذا الأمر سوف يؤثر عليهم ولا يؤثر على استقرار الأوضاع العامة، كون الأطراف السياسية السنية مشاركة في الحكومة والبرلمان ولا يمكن اختزال المكون السني بجهة سياسية، خاصة وأن هذه الجهة ربما تشهد انشقاقات بصفوف نوابها خلال المرحلة المقبلة بعد خسارة المنصب بشكل رسمي”.
وعقد مجلس النواب في 13 كانون الثاني الماضي، جلسة استثنائية لاختيار رئيس مجلس النواب الجديد، وانتهت الجولة الأولى من التصويت، بفوز حزب “تقدم” شعلان الكريم بـ152 صوتا من أصل 314 صوتا، وجاء خلفه النائب سالم العيساوي بـ97 صوتا، والنائب محمود المشهداني بـ48 صوتا، والنائب عامر عبد الجبار بستة أصوات، والنائب طلال الزوبعي بصوت واحد، إلا أن مشادات كلامية حصلت داخل قاعة المجلس ما اضطر رئاسة المجلس إلى رفع الجلسة حتى إشعار آخر ولم تُعقد جلسة أخرى لغاية إعداد هذا الخبر.
ويحتاج التصويت على رئيس مجلس النواب، لنصاب النصف زائد واحد، من عدد مقاعد البرلمان، وهو ما لا تمتلكه القوى السنية، حيث يكون العدد 166 نائبا، كما لا يملك حزب “تقدم” صاحب أغلبية المقاعد السنية، سوى نحو 35 مقعدا.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد قررت في تشرين الثاني 2023 إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي على خلفية قضية رفعها ضده النائب ليث الدليمي اتهمها فيها بتزوير استقالته، لينتهي الحكم بإنهاء عضوية الاثنين.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- غائب منذ (10) أشهر.. البرلمان يفشل في حسم منصب "الرئيس"
- عناد الحلبوسي وإصرار خصومه يعصف بمنصب رئيس البرلمان
- الضبابية تحيط بموقف "الإطار" من انتخاب رئيس للبرلمان و"تقدم" يستسلم للتوافقات