انا لا ازعم بان لدي معرفة ودراية وخبرة بالنقد المسرحي فهذا الامر متروك وبكل احترام وتقدير لأصحاب الاختصاص والذين لهم باع طويل بهذا المجال ، لكنني ادون بعض الاضاءات التي ارى ان من الواجب ان اذكرها كمتلقي للعرض المسرحي والذي قدمته فرقة السراج للمكفوفين على مدى يومين على مسرح قصر الثقافة والفنون ، نص مسرحي فيه الكثير والكثير والذي يحاكي الوعي الانساني من خلال التقاطات ذكية جداً ، نص مسرحي ينساب بهدوء الى المتلقي وبكل بساطة ويسر ، نص لايتعكز على المفردة الشعبية المثيرة او المفردة الفصحى الجامدة في جذب الجمهور ، نص فيه خليط متجانس من الموروث العراقي واليومي العراقي نص يحاكي الوعي المكبوت في داخل النفس ذلك الوعي الذي يجعل الذات تتفاعل بأسئلة يومية نسمعها هنا او هناك دون ان نجد لها اجابة ، هكذا جاءت لنا الحقيقة عارية ومجردة قدمها الممثلون الرائعون الذين كانوا يشتغلون داخل النص مما جعلنا نشعر انهم عفويين وتلقائيين بحوارهم وحركاتهم وايماءاتهم وانهم كانوا يعملون بروح الفريق الواحد من خلال الالفة والمحبة والتي نجح بزرعها وتأصيلها مخرج العرض الدكتور علي الشيباني لقد تماهى هؤلاء الابطال بشكل كبير مع مخرج العمل والذي اعطى عصارة خبرته وفنه وهو يتعامل مع ممثلين من نوع خاص وهنا يكمن سر العلاقة بين المخرج والممثلين وهذا السر هو الحب نعم الحب الذي كان يمثل الخلطة السحرية لهذا العمل فقد اعلن العاملين في هذا العمل بان الحب هو اساس الابداع ، لم يخرجوا خارج النص بل كانوا في اعماق النص الذي حولوه بفنهم وصدقهم وعفويتهم الى محاضرة توعوية للجمهور ، حيث قالوا وقالوا وقالوا ما لانستطيع نحن المبصرين ان نقوله ، بعدما اشروا على مكامن الفساد والخراب في هذا الوطن المنكوب ببصيرتهم ووعيهم ، كانوا هم المبصرون ، هذا العمل المسرحي كان عبارة عن جدحة وعي كبيرة وجرعة امل وحلم جميل بغد افضل ، جعلت المتلقي يبقى صامتاً وهو يتأمل ابطال من نوع خاص ، ابطال جسدوا لنا الابداع ببصيرتهم لاببصرهم فكانوا هم الفائزون . ابطال اعلنوا بان المسرح الكربلائي بخير طالما فيه ابطال يمتلكون البصيرة والامل والحلم بغد افضل .